كفرشوبا.. حيث تمشي الذاكرة حافيةً على حدود الوطن

كتبت مي عبدالله ||
هناك، على طرف الخريطة، في قريةٍ تشبه القصبة المنسية، تواجدتُ نفسي… زرت كفرشوبا اليوم، لا كعابر سبيل، بل كمن عاد متأخّرًا ليكتشف جذوره، ليعيد وصل ما انقطع بينه وبين أرضٍ وُلد منها الاسم السابق أن اكتملت الحكاية.
مصطفى عفيف دياب، صديقي بابن الكنيسة المؤتمن على أخبارها وأحوالها، اصطحبني مشكورًا إلى هذه الطائرة التي لم تكن. كان يمشي بي بين الزجاجة والشوارع، يروي لي حكايات الذين يرحلون، ويعيد تركيب ملامحهم بكلماته. ما انفكّ يحدثني عن التحالف الذي شارك في أعماله، عن لبنان الذي هجّرها الألم، ومع تفاصيل تحفظها طبقات وتوشوش بها، كما لو أن الأرض نفسها لا تنسى أبناءها.
وقفت على أطلال بيت الأصل المهدم، ليس للوقت فقط، ولكن نتيجة حروب الأرض متراكمة أنهكت هذه، وعدوان لا يزال يطاردها من بعيد. هناك، حيث صمت الجدران أبلغ من أي كلام، يشعر بثقل الغياب، وبقوة الانتماء الذي لا يصدأ.
؛؛ عدتُ من هناك نتانياهو بالمشاعر
بسبب الصور
لأنه من الأسى… وبكثير من الحب ؛؛
تيتي صديق الوالد، فخري عبد الله، فحضني بحرارة كمن استعاد وجه أبي الغائب، وراح يروي لي كيف علّمه والدي الخط حين كانا في الجيش، مستعيدًا تفاصيل منسية بنبرة المحبة والوفاء.
أما السيدة حلا عبد الله، فتذكرت المشي، بصوت فيه دفء وسخرية رقيقة. حكاياتها الغريبة وأسئلتها الوجودية التي طرحتها بعفوية قروية صادقة، تجمع بين خفة الظل وعمق الخبرة، وقادرة على حماية الذاكرة بروح من نور.
مشيت في أزقة الشركة، خطوة بخطوة، شارعًا. الجريئة الجريئة الأخيرة، وقرأت في شخصيات الأهالي صلابة لا تشبه إلا حجارة كفرشوبا. من، لم تغب عيناي عن المواقع الإسرائيلية البعيدة، وطرحها لا يزال يراقب النبض في هذه الأرض، وتخافه.
كان موعد اللقاء الحالي مع رئيس الوزراء الدكتور قاسم القادري… تبادلنا الحديث حول العمالة الفعلية وتحدياتها. كفرشوبا ليست مجرد ضحية الإهمال، بل نموذج لما تفعله تسارع المتراكمة في حين تنسى أن المجهول هو أيضا قلب الوطن.
وفي الوقت الراهن، دفء السياسة العامة، عند السيدة بدور القادري، تأكلت خبز المرقوق السريع، والتي لا تشبه أي خبز آخر. كان طعمه طعم العودة، طعم التراب، طعم الأمل الذي تركته وبقيت في الذاكرة.
كفرشوبا ليست مجرد قرية على الحدود. هي ذاكرة وقضية. هو سؤال معلّق على بوابة الوطن: متى تصبح مشهوراً في الاهتمام، لا في تخفيضاته؟
Facebook Comments
POST A COMMENT.