ميسون حمزة ||
نعيش في مدينة لم تعد تشبه أهلها المحبين الذين سكنوها منذ مئة زمن وزمن. الخراب يأكل ملامح الابتسام على وجوهنا والذهول يتنامى كطفيليات ملأها اليأس في زواريب باتت أزقتها ملأى بكل أشكال الفقر والعوز.
أبنية المدينة هرمت وأصبحت تغطيها رطوبة محمّلة بملوحة البحر القاسية الغاضبة.
بحر المدينة غصّ بنا، لم يعد يتسع لأسرارنا لشدة ما احتوى جثث ودمار واختلط بدماء أموات لم نعرف عن ذكرياتهم أو أحلامهم سوى صور ودموع أمهات تنتظر حلمًا مغمسًا بقهر يدغدغ حرقة قلوبهن.
مقاهي المدينة تآكلت وتقلصت وسكنتها وجوه أناس غرباء يحملون هويات تشبه مشاريبهم الغريبة عن ماءنا..
ماذا فعلنا بك يا بيروت..ماذا فعلنا بطفولة حفرت في عمرنا ذكريات كانت تكفينا زادًا لسنوات الكبر.. أي خراب راكمناه في صورتك الجميلة ونحن نلهث وراء الدكاكين نلملم ما تبقى من أسعار لحاجات لم نكن نحسب لها قيمتها سابقًا؟
هل تآمر الزعماء علينا أم نحن من تواطأ معهم لنربّي الذل فينا؟
هل تآمرنا على أنفسنا وعلى بقية انسانيتنا…الجشع يقتلنا والأنانية صارت عنوانًا للأقوى فينا.
من قتل إرادة الحياة فينا؟ من أعاد صياغة شريعة الغاب في نفوسنا بعدما شرّعنا للعالم شرائع الحق والخير والجمال؟
كنا نختبئ في تفاصيل صورتك لنصنع لأنفسنا صورة نتباهى بها أمام الملأ..
ماذا فعلتِ لنا يا بيروت لنرتد عليك بكل هذا الخراب والجشع والألم؟ كيف تجرّأنا على الياسمين الذي يزيّن حيطان شوارعك؟
أي قادة صنعنا لأنفسنا..؟
نحن القتلة ونحن الخراب ونحن غرابيب الذل..ونحن نستحق كل ما يجري لنا..؟
لغة العنف ليست لغتنا وصورة اليأس ليست لنا، وتاريخنا لا يخبر حكايات إلا عن عز كان مكتوبًا في وصايا أسلافنا.
ماذا فعلنا بحالنا يا بيروت..؟
POST A COMMENT.