عقد العمل الجديد يحرر العاملات في الخدمة المنزلية من نظام الكفالة؟
عفيف دياب || تقدم لبنان خطوة إلى الأمام في تنظيم نسبي للعلاقة بين أصحاب العمل والعاملات في الخدمة المنزلية، وذلك بعدما أصدرت وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال لميا يمين، قرارا يتعلق بعقد عمل موحد خاص بالعاملات في هذه الخدمة، بعد مطالبات متكررة من منظمات حقوقية لبنانية تجد في الآليات المتبعة قبل القرار إجحافا كبيرا يطالهن وانتقاصا من أبسط حقوقهن الإنسانية.
وجاء قرار وزارة العمل في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان، وبعد أن وجدت عشرات العاملات في الخدمة المنزلية أنفسهن بلا مأوى بعد توقف أصحاب العمل عن دفع معاشاتهن، وهو ما أدى إلى تحركات أمام سفارات بلاد العاملات، ومطالبتهن بترحيلهن إلى أوطانهن بعدما تقطعت بهن السبل.
تقول العاملة نانسي من كينيا إنها لم تعد تستطيع جني المال أو العمل نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وتضيف -للجزيرة نت- أنها لم تجد وظيفة بعد أن تركت عملها بسبب عدم نيلها راتبها الشهري، ونتيجة لعدم وجود ما يحمي حقوقها في لبنان.
وتقول مريم إن مشغّلها صادر جواز سفرها ولم تتقاض راتبها منذ 3 أشهر، مما اضطرها إلى ترك عملها منتظرة العودة إلى بلدها.
قرار بلا سطوة
وبالتزامن مع هذه الأزمة المستجدة وتشرد عشرات العاملات في الخدمة المنزلية، جاء قرار وزيرة العمل لميا يمين بالإعلان عن عقد ينظم عملهن، بهدف إلغاء “نظام الكفالة” وتكريس حقوق العمال والعاملات في الخدمة المنزلية على حد قولها، وخطوة أولى لإخراج العاملات في هذه الخدمة من تحت “سطوة أصحاب العمل”، كما يقول المحامي نزار صاغية للجزيرة نت والذي يجد في القرار بعض الثغرات، ولا سيما عدم تعويض العاملات بعد فسخ العقد معهن قبل انتهاء مدته.
ويتضمن العقد الموحد 15 مادة، وأبرز ما فيه أن يتم دفع راتب العاملة في نهاية كل شهر، وحقها في الاحتفاظ بوثائقها كجواز السفر والهوية وإجازة العمل والإقامة وبطاقة التأمين، وأنه يجوز لأي فريق فسخ العقد بشكل أحادي على أن يعلم الفريق الآخر بنيّته قبل شهر على الأقل.
كما يجوز للعاملة أو العامل في الخدمة المنزلية فسخ العقد من دون إشعار في حالة تخلف صاحب العمل عن دفع الأجر الشهري الكامل، أو عدم قيامه بإجراء الاستحصال على الوثائق القانونية للعاملة أو حجز وثائق العاملة.
إيجابيات منقوصة
يقول المحامي نزار صاغية للجزيرة نت إن نجاح القرار لا يكون إلا بتشريعات تضمن حسن تطبيقه.
ويضيف أن الحرية التي أعطيت للعاملة في فسخ العقد أعطيت أيضا لصاحب العمل، وبالتالي لا يجوز إعطاء صاحب العمل حرية ضرب الاستقرار الوظيفي، كما أن العقد لا يضع تعويضا للعاملة إذا ما فسخ عقدها.
ويسأل صاغية “ما مصير العاملة إذا ما فسخ العقد معها، فهل يحق لها الانتقال إلى رب عمل آخر أم تعود إلى بلدها؟”، داعيا إلى إعطاء فترة سماح للعاملة في الخدمة المنزلية كي تجد عملا بديلا قبل مغادرتها البلاد.
وأشار إلى أن العقد لا يعطي أيضا العاملة حق البحث عن عمل آخر عند انتهاء مدة عقدها.
نظام الكفالة
من جهتها، تقول مديرة دائرة جبل لبنان الجنوبي في وزارة العمل اللبنانية إيمان خزعل إن عقد العمل الموحد الذي أصدرته الوزارة يعتبر خطوة نحو “تفكيك نظام الكفالة، وبالتالي فقد دمرنا أهم مدماك من مداميكه”.
وتضيف للجزيرة نت أن الوزارة حاولت قدر الإمكان الاقتراب من الأحكام الخاصة بقانون العمل اللبناني الذي لا تلحظ نصوصه حقوق العاملات في الخدمة المنزلية، و”القرار جاء من روحية هذه النصوص ريثما يصدر تشريع جديد من مجلس النواب”.
وعبّرت عن أملها في إصدار تشريعات “كي تصبح حقوق العاملين في الخدمة المنزلية مصانة ومحمية بقانون واضح”.
المصدر : الجزيرة نت
10\10\2020
Facebook Comments
POST A COMMENT.