لبنان : مخاوف كبيرة من قانون قيصر

عفيف دياب ||
مع تنفيذ قانون قيصر، الذي أقره الكونغرس الأميركي ويفرض عقوبات على النظام السوري ومن يوفر له الدعم العسكري والاقتصادي والمالي، يسود قلق في لبنان من هذا القانون وارتداداته السلبية على البلاد، حيث كانت الحكومة اللبنانية قد شكلت في وقت سابق لجنة وزارية لدراسة القانون وآلية متابعته بغية الحد من سلبياته.
ويراقب لبنان رسميا وشعبيا تنفيذ هذ القانون، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يمر بها ولا سيما أنه يسعى للحصول على دعم مالي دولي بشروط اقتصادية لها أبعاد سياسية، كما يرى مراقبون.
ومع التزام الحكومة اللبنانية الصمت حتى الآن، يتفق محللون سياسيون استطلعت رأيهم الجزيرة نت، على أن ارتدادات هذا القانون ستكون كبيرة في ظل العلاقات المتشابكة التي تربط لبنان بسوريا.
مسار العلاقة
وبشأن تأثير قانون قيصر على العلاقات، يقول الباحث السياسي نضال خالد إن العلاقات بين لبنان وسوريا -التي تنظمها اتفاقيات بين البلدين إثر توقيع معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بينهما عام 1991، وإنشاء المجلس الأعلى السوري اللبناني- تراجعت في تنسيقها اليومي بعد عام 2005 وانسحاب الجيش السوري من لبنان وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما لأول مرة في تاريخهما سنة 2008.
وبعد عام 2011، أخذت هذه العلاقات -بحسب خالد- شكلا آخر غير رسمي من التعاون بين النظام وحزب الله الذي تدخل عسكريا لمساندة حليفه النظام السوري.
ويرى الباحث أن حزب الله “صار معنيا بشكل مباشر بارتدادات قانون قيصر عليه وعلى أذرعه المالية والاقتصادية”.
العودة عن اتفاقات
ومن وجهة نظر الباحث في مركز كارنيغي مهند الحاج علي، فإن التداعيات الأبرز على لبنان من قانون قيصر ستكون سياسية بالدرجة الأولى، ودلل على ذلك بأن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يطالب منذ فترة بتعزيز العلاقات اللبنانية السورية.
لكن الحاج علي يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن الحكومة اللبنانية بدلا من أن تعمل على تعزيز العلاقات مع سوريا كما يريد نصر الله، يتعين عليها البحث في كيفية العودة عن بعض الاتفاقيات الموقعة مع دمشق.
وأعرب عن اعتقاده أن علاقات لبنان مع سوريا في المرحلة المقبلة ستكون متدنية، وأن القوى اللبنانية الحليفة التي كانت تجد حرجا في تطوير العلاقة مع سوريا “ستجد اليوم -بعد سريان قانون قيصر- تبريرا لعدم تطوير هذه العلاقات”.
ويرى أن شخصيات لبنانية لها ارتباطات مع النظام السوري وأسست شركات تجارية بغية المساهمة في إعمار سوريا، “سيجدون أنفسهم اليوم عرضة لعقوبات أميركية، وبالتالي عليهم إعادة النظر في علاقاتهم مع النظام أو تحمل تبعات قانون قيصر”.
الغموض البناء
وبدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن قانون قيصر يحول دون تطبيع العلاقات مع الدولة السورية، وهو يهدف إلى محاصرة سوريا وتأخير إعادة إعمارها.
وبشأن كيفية تعاطي لبنان مع قانون قيصر؟ يرى شومان أن الحكومة لم تتخذ بعد موقفا أو حتى تدلي بأي تصريح حول هذا القانون، معربا عن اعتقاده أن الحكومة قد تتعاطى مع القانون وفق “الغموض البناء”، لأن الكثير من الشخصيات اللبنانية قد تدرج على اللائحة السوداء للقانون، وبالتالي فإن وقوف لبنان في “المنتصف” قد يكون خيارا وحيدا.
وحول موقف حزب الله، يقول شومان إن القانون قد يستهدف أكثر من جانب للحزب، ولكن “الجانب العسكري عنده غير قابل للنقاش والجدل، وأعتقد أنه سيتعاطى مع القانون براغماتيا”.
خنق تدريجي
ولكن إلى أي مدى سيؤثر قانون قيصر على الاقتصاد اللبناني؟ يقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة للجزيرة نت إن نص القانون غير واضح في آلية تطبيقه، معربا عن اعتقاده أن واشنطن قد تلجأ إلى اعتماد إستراتيجية “الخنق التدريجي”، لأن هدف العقوبات هو التأثير على القرار السياسي وتطويعه، ويؤكد عجاقة أن تأثيرات “قيصر” على الاقتصاد اللبناني ستكون “ثقيلة جدا”.
ويتساءل إن كانت سوريا تتقاضى رسوما مالية على شاحنات الترانزيت اللبنانية، فهل يعتبر هذا دعما للنظام السوري؟ كما أن” لبنان يشتري أكثر من 200 ميغاواط كهرباء من سوريا ويدفع لها مقابل ذلك حوالي 80 مليون دولار، فهل يعتبر أيضا دعما للنظام السوري؟”.
ووفق عجاقة فإن الحكومة اللبنانية لم تقم بإجراء اتصالات مع الحكومة الأميركية لمعرفة آلية تطبيقها للقانون، وكيفية الحد من تأثيراته على لبنان، معربا عن اعتقاده أن حكومة لبنان غير جاهزة لإعلان وقف التعامل الاقتصادي الرسمي مع سوريا، و”إن أعلنت ذلك فهي عاجزة عن وقف التبادل التجاري غير الشرعي بين البلدين”.
 الجزيرة نت 17\6\2020

Facebook Comments

POST A COMMENT.