عفيف دياب || الجزيرة نت
منذ أيامها، الأولى شارك الطلاب بفاعلية كبيرة في المظاهرات والاعتصامات في لبنان المنددة بالطبقة السياسية، التي تتواصل لأسبوعها الرابع على التوالي، مما أعطى زخما للاحتجاجات التي توسعت لتشمل كل أنحاء البلاد.
نزول الطلاب إلى الساحات والميادين العامة، وتنفيذهم اعتصامات متعددة أمام وزارة التربية والتعليم العالي في بيروت ومؤسسات حكومية أخرى في العاصمة ومدن وبلدات لبنان الكبرى، رأى فيه عدد من الناشطين خطوة متقدمة تحمي الحراك الشعبي وأجندة مطالبه السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والاجتماعية والبيئية.
ويقول طلاب مدرسة ببيروت في شريط مصور أعدوه عن حراكهم إنهم يشاركون في المظاهرات والاعتصامات من أجل لبنان ومستقبلهم ومن أجل جامعات وطنية، وكي لا يهاجروا من البلد، ولمحاربة الفاسدين.
وعي فكري وثقافي
وتقول المستشارة في علم النفس الاجتماعي والمرشدة التربوية ميسون حمزة إن مشاركة الطلاب وتلامذة المدارس في الانتفاضة الشعبية صرخة طبيعية وحقيقية.
وتضيف للجزيرة نت “أن هذه المشاركة غير المسبوقة في لبنان منذ نهاية 1990 تنم عن زيادة في الوعي والنضج داخل المجتمع اللبناني، ففي السنوات الأخيرة وفي ظل التغييرات بالعالم العربي، كان الشباب اللبناني يتهم بأنه أسير السهر واللهو.. ليس صحيحًا أن شبابنا ينقصهم الوعي أو أنهم لا يكترثون بالشأن العام كما يحلو للبعض اتهامهم به”.
وتضيف ميسون حمزة أن “الطبقة السياسية والاقتصادية في البلاد فوجئت بحراك الطلاب، وذلك يتأتى من عوامل متعددة، منها أن الفئة الشابة لديها طموحات وأحلام تريد تحقيقها في الوطن لا في المهاجر”.
وتتابع أن المشكلات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة والمتمثلة في ارتفاع المديونية العامة للدولة والضرائب وغلاء المعيشية وارتفاع أقساط التعليم وزيادة معدلات الهجرة، هي عوامل شكلت وعيا مبكرا عند الطلاب، وإحساسا بما تعانيه أسرهم، فعبروا عن غضبهم بعدما شعروا أن طموحاتهم وأحلامهم مبتورة.
وترى حمزة “أن الطلاب والتلامذة يدرسون مناهج تعليمية بالية سيما في التربية المدنية والاقتصاد والاجتماع، وهي طوباوية ومثالية ولم يجدوها في الواقع”.
وتقول إن الحكومات المتعاقبة وخطاباتها المتكررة ومشاريعها الاقتصادية صارت عاملا محبطا لجيل الشباب، وفي طليعتهم الطلاب الذين أطلقوا صرختهم نيابة عن أهلهم وضد هذا الواقع السياسي اللبناني، وقالوا في مظاهراتهم “هيا لنعلّم الطبقة السياسية درسا في الوطنية”.
طليعة الاحتجاجات
من جهته يرى الباحث في علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية الدكتور سعيد عيسى أن مشاركة طلاب الجامعات وتلامذة المدارس أمر طبيعي في حراك شعبي واسع النطاق والأهداف
ويضيف للجزيرة نت أن طلاب لبنان هم في طليعة هذا الحراك، وأصبحوا في صدارته وحجر رحاه.
ويتابع أن الطلاب هم في نزوع دائم إلى التغيير و”نحن نعيش في أزمات متنوعة بلبنان، ودوافع ثورة الشباب والطلاب كبيرة وكثيرة، وقد فجروا غضبهم بوعي سياسي منقطع النظير”.
ويؤكد عيسى أن “خروج الطلاب من ساحات الاعتصام والمظاهرات صار صعبا من دون تحقيق ولو الحد الأدنى من أهداف الانتفاضة الشعبية اللبنانية، “فقد تجاوزوا بمطالبهم التغييرية تلك التي رفعها الحراك في بداياته”.
جيل التغيير
ومشاركة طلاب الجامعات وتلامذة المدارس في مختلف المناطق اللبنانية بالانتفاضة الشعبية، وجد فيها ناشطون زخما كبيرا قطع الطريق على محاولات السلطة الحاكمة ضرب الاحتجاجات أو تجاهلها.
يقول الناشط في الانتفاضة الشعبية الأستاذ الجامعي باسل صالح “إن مشاركة الطلاب أسهمت في رفد الانتفاضة بمطالب جديدة، في طليعتها حماية أنفسهم من الهجرة أولا، وحقهم في المشاركة الفعلية في بناء دولة المواطنة، وأظهروا وعيهم الكبير ببناء دولة مدنية خارج القيد الطائفي وصدقهم الوطني”.
ويضيف للجزيرة نت أن فاعلية الطلاب في الانتفاضة فتحت الباب واسعا أمام حركة تغييرية كبيرة في لبنان، وبالتالي فإن على السلطة أن تسمع صرختهم وتعترف أن جيلا شابا صار قادرا على إحداث التغيير في السياسية والاقتصاد والاجتماع.
الجزيرة نت 10\11\2019
POST A COMMENT.