عفيف دياب ||
يتريث الرئيس اللبناني في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة، بعد تسعة أيام على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري تحت ضغط احتجاجات الشارع والمظاهرات الشعبية التي عمت البلاد ضد الطبقة السياسية الحاكمة، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد.
وبحسب مراقبين، يعود تريث الرئيس ميشال عون في إجراء مثل هذه الاستشارات مع النواب إلى مجموعة من العُقد السياسية التي يعمل على حلها لولادة سهلة للحكومة العتيدة، فالاتصالات التي يجريها عون تهدف إلى تأليف الحكومة قبل تكليف من يسميه النواب بمهمة تولي رئاستها.
ويقول مصدر وزاري مطلع للجزيرة نت -فضل عدم ذكر اسمه- إن الرئيس عون “لا يريد التأخر في تشكيل الحكومة الجديدة، وهو يسعى لأكبر توافق على رئيسها وتشكيلتها بما يرضي كل الأطراف وفي طليعتهم الحراك الشعبي”.
ويضيف هذا الوزير في الحكومة المستقيلة أن رئيس الجمهورية يقوم بمشاروات بعيدة عن الأضواء، وتتركز مع تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري، وحزب الله، ورئيس البرلمان نبيه بري.
وكشف أن حزب الله يحبذ أن يعود الحريري إلى رئاسة الحكومة، وأن تعكس حكومته صحة التمثيل الحزبي في البرلمان، معتبرا أن تريث الرئيس عون هدفه تقريب وجهات النظر بين مختلف القوى الأساسية في البلاد.
ويكشف هذا الوزير أن هناك عدة اقتراحات منها: حكومة يرأسها الحريري ولا تضم وزراء يعتبرون من “صقور الأحزاب”، وحكما لا تضم حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، بل ممثلين عنهم من غير الحزبيين.
ويقول إن حزب الله والتيار الوطني الحر يعملان على حل يرضيهما مع الأطراف الأخرى، وأن يكون لحزبيهما داخل الحكومة حصة سياسية نوعية مع ممثلين للأحزاب الأخرى.
ويوضح أن الرئيس الحريري يفضل في الوقت الراهن أن لا يتولى رئاسة مجلس الوزراء ما لم تكن حكومته “تكنوقراطية”، وهو أمر يقلق حزب الله والتيار الوطني الحر ونبيه بري، و”الجهود نشطة لتقريب وجهات النظر المتباعدة”.
توجهات الحريري
وعن توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري حول الحكومة الجديدة، يقول عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش إن الحريري يطمح أن تكون الحكومة الجديدة فاعلة وقادرة على أخذ قرارات من دون تعطيل.
ويضيف علوش أن الأهم من ذلك أن تكون الحكومة العتيدة مقنعة للناس، وأن تقوم فعلا بالإصلاحات المطلوبة.
ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن قبول الحريري بحكومة بغض النظر عمن يكون رئيسها، هو أن تحقق وتنجز وترضي الحراك الشعبي.
وأبدى المتحدث استغرابه عدم قيام رئيس الجمهورية حتى الآن بإجراء مشاورات نيابية، و”يبدو أن الرئيس عون يجري محاولة مزج للآراء لتشكيل الحكومة الجديدة، وهذا أمر غير دستوري. فمن حق الرئيس التأخر أو التريث في إجراء الاستشارات، ولكن من غير الدستوري فرض حكومة أمر واقع قبل تسمية رئيسها”.
وحول اقتراح استبعاد حزب الله من الحكومة، يقول علوش إن الحريري لا يريد استبعاد الحزب و”لو أراد ذلك لما كان حزب الله في الحكومة المستقيلة”، مستطردا بالقول إن وجود حزب الله في أي حكومة “إعاقة كبرى، فالحزب يقع تحت عقوبات من مختلف الأنواع وهي في تزايد، ومن الأفضل للبنانيين وللدولة وللحكومة أن لا يكون حزب الله في الحكم حتى تتجنب البلاد أي تداعيات”.حكومة جامعة
بدوره، يرى عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر ناجي الحايك أن تياره يتطلع إلى حكومة تلبي تطلعات وآراء المتظاهرين، موضحا للجزيرة نت أن المشاروات التي يجريها التيار تهدف إلى حكومة تستطيع أن تنهض بالبلاد.
ويؤكد الحايك أن المعايير يجب أن تكون واحدة في اختيار الوزراء، مشيرا إلى أن الحكومات مرآة للتمثيل في مجلس النواب، و”حكومة التكنوقراط دونها صعوبات وستجد معوقات في إدارة الشأن اللبناني”.
ويقول إن الإتيان بوزراء من دون لون سياسي أمر صعب جدا”، ويرى أن الاتفاق المسبق على شكل الحكومة قبل تكليف رئيس لها “هو أمر مستحب، ونحن في التيار نسعى لحكومة تضم كل الأطراف بما في ذلك الحراك الشعبي”.
إرباك السلطة
وعن الخلاف السياسي بين أركان السلطة في لبنان حول شكل الحكومة الجديدة ومضمونها، يرى الحراك الشعبي فيه نوعا من الإرباك.
ويقول الناشط في المجتمع المدني والحراك الشعبي وليد فخر الدين للجزيرة نت، إن الخلافات بين أركان السلطة واضح ولا لبس فيه، “فالسلطة الحاكمة تعاني من إرباك كبير كنتيجة طبيعية لثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول)” الماضي.
ويضيف فخر الدين أن السلطة منقسمة على نفسها حول حصص رموزها في الحكومة الجديدة، و”نحن نراقب ونتابع عن كثب”.
ويؤكد أن الحراك الشعبي ينتظر تحديد موعد الاستشارات النيابية وما سينتج عنها، و”نحن مستمرون في الحراك والضغط على السلطة لمنعها من استنساخ الحكومة الجديدة من الحكومة المستقيلة”.
ويقول إن الشارع اللبناني أعلن رفضه للتسويف والمماطلة التي تقوم بهما السلطة، و”رئيس الجمهورية يخالف الدستور من حيث عمله لتشكيل الحكومة قبل تكليف من يترأسها”.
وجدد فخر الدين مطالب الحراك التي تختصر في حكومة انتقالية من غير الذين حكموا البلاد على مدى ثلاثين عاما، وأن يقتصر عملها على تحضير قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء انتخابات مبكرة واستقلالية القضاء لاستعادة الأموال المنهوبة.
الجزيرة نت 6\11\2019
POST A COMMENT.