عفيف دياب || لم يجد رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري بعد اتصالاته السياسية لإخراج حكومته من عنق الزجاجة بعد الاحتجاجات الشعبية سوى الاستقالة، وهي استقالة يرى مراقبون أنها أدخلت البلاد في مـأزق جديد.
فالاحتجاجات التي شملت مدن لبنان الكبرى، ومنها المعاقل الشعبية المهمة لقوى الحكومة الأساسية كتيار المستقبل بزعامة الحريري وحركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر؛ أدخلت السلطة اللبنانية قاطبة في أتون إيجاد مخرج يحفظ ماء وجهها والتسليم بالجروح والندوب التي أصابتها على مدى 13 يوما.
صمود قصير
واستقالة الحريري، وقبول الرئيس اللبناني ميشال عون لها، والطلب منه تصريف الأعمال، جاءت في توقيت حرج لرئيس البلاد وتياره الحزبي، ومعه حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل، كما يقول الباحث السياسي نضال خالد للجزيرة نت. ويضيف أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خسر باستقالة الحكومة، وهو الذي كان يراهن على صمود الحريري.
كما تعرض الحريري بدوره لأكبر خسارة سياسية من خلال سحب شارعه البساط من تحت قدميه، والهتاف ضد حكومته في طرابلس وبيروت وصيدا وبلدات أخرى تعد خزانه الشعبي، وهذا “ما استدركه حزب الله بنجاح في سحب أنصار الحزب وحركة أمل من الحراك في المدن الجنوبية والعاصمة بيروت، وتخلف التيار الوطني الحر على مدى عشرة أيام بحراك مضاد للحراك الشعبي حماية لرئيسه جبران باسيل بعد إجماع شعبي على “سوء إدارته السياسية لملفات عدة”، كما يقول خالد.
اهتزاز التسوية السياسية
وبعيدا عن حسابات الربح والخسارة وتسجيل الحراك الشعبي هدفه الأول في مرمى السلطة باستقالة الحكومة؛ إلى أين يتجه لبنان بعد الاستقالة تحت ضغط الشارع؟
يقول المحلل السياسي أمين قمورية للجزيرة نت إن من أبرز نتائج الحراك الشعبي، عدا سقوط الحكومة، هو اهتزاز التسوية السياسية بين عون والحريري، التي كانت نسجت بينهما قبل ثلاث سنوات، وأفضت إلى وصول عون لرئاسة الجمهورية والحريري للحكومة.
ويضيف أن اهتزاز هذه التسوية، وتعرض علاقة الحريري مع حزب الله لنكسة بعد وئام نسبي بينهما، والشروط والشروط المضادة بين مختلف القوى حول شكل ومضمون الحكومة المقبلة؛ “قد تعقد المشهد السياسي في البلاد”.
ويرى قمورية أن عودة الحريري لتولي رئاسة الحكومة المقبلة وفق شروطه، أو تشكيل حكومة اللون السياسي الواحد إذا استبعد الحريري، دونهما عقبات، وبالتالي الأمور نحو مزيد من التعقيد”.
مأزق جديد؟
ولكن كيف سيكون المشهد السياسي في مقبل الأيام؟ يرى المحلل السياسي إبراهيم حيدر أن لبنان دخل مرحلة سياسية جديدة. ويضيف للجزيرة نت أن البلاد في مأزق جديد “قد يستمر فترة طويلة، ويزيد من أزمات لبنان المالية والاقتصادية”. موضحا أن المخاوف اليوم أن نشهد تصادما سياسيا جديدا، وأن يعود الاصطفاف السياسي إلى البلاد بما يشبه الاصطفاف السابق بين محوري 8 آذار و14 آذار.
وحول الحكومة الجديدة بعد استقالة الحريري، يقول حيدر “نحن في أزمة كبرى، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تشكيل حكومة كما كان يجري في الفترات السابقة إذا كنا نريد فعلاً الحلول أو العبور نحو حل يحد من تردي الوضع الاقتصادي”.
وكشف عن أن الحديث يدور الآن عن توجهين لدى بعض أركان السلطة: الاتفاق سريعا على تشكيل حكومة ثقة وإعادة تكليف الحريري بها، وأن تكون مطعمة بممثلين للأحزاب. ووجهة نظر أخرى تتحدث عن أكثرية وأقلية برلمانية بمعني ألا تكليف للحريري بتشكيل حكومة جديدة”.
معربا عن اعتقاده أن الطرحين سيدخلان لبنان في مأزق جديد، و”هذا ما سيؤدي إلى مشكلة سياسية كبرى تعيد الاصطفافات من جديد، وسيكون الحراك الشعبي هو الخاسر الأكبر بعدما حققه من إنجازات سياسية وشعبية وطنية”.
الجزيرة نت
30\10\2019
POST A COMMENT.