عفيف دياب ||
بعد مرور أسبوعين على الاحتجاجات التي تعم البلاد، بقي الحراك الشعبي اللبناني مفتقدا لقيادة موحدة أو ناطقة باسمه رغم الطابع الموحد للمطالب من مختلف الأطياف.
ورفع المتظاهرون شعارات موحدة تنادي بوضع حد لتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية التي طالت سلبياتهما مختلف شرائح المجتمع دون تفرقة أو تمييز.
وأسهمت عفوية المظاهرات في توحيد المطالب نسبيا من طلب استقالة الحكومة وصولا إلى تغيير النظام، وما بينهما مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد للانتخابات يكون خارج القيد الطائفي.
وتوحد احتجاجات لبنان بسلة مطالب واحدة من دون تنسيق أو هيئات منظمة، كانت محور جلسات وحلقات نقاش واسعة في ساحات الاعتصامات.
ونشطت قوى المجتمع المدني وهيئات ثقافية واقتصادية في نصب خيام وإقامة سهرات حوارية، هدفها ليس إنتاج قيادة واحدة للحراك الشعبي، وإنما تشكيل مساحة حرة للحوار والنقاش خصوصا في صفوف فئة الشباب حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية.
الوقت والحراك
وعن مدى نجاحه في بلورة صيغة موحدة للمطالب وآلية تحقيقها على المديين القصير والمتوسط، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية د. علي شكر إن الوقت ليس لصالح السلطة والحراك.
ويضيف للجزيرة نت أنه إذا امتد الحراك لوقت طويل فهو بحاجة الى إعادة بلورة نقاط محددة ومشتركة وواسعة “لأنه ليس بمقدور المتظاهرين أن يبقوا في الشوارع لوقت طويل”.
ويوضح أن إطالة أمد الحراك قد يسهم في إضعافه وعدم فعاليته في المرحلة المقبلة، ما لم يتبلور من خلال قيادة ومطالب.
أكبر من الجميع
وفاجأ الحراك الشعبي غير المسبوق السلطة وقواها الحزبية أو تلك التي على ضفافها، من حيث رقعة انتشاره وحجم المشاركة الشعبية فيه كاحتجاج بدأ على نوايا الحكومة بفرض ضرائب، ثم اتسعت رقعته ليصل إلى تغيير النظام وصب جام الغضب على كل الطبقة السياسية واتهامها بالفساد ونهب المال العام.
يقول المحلل السياسي إبراهيم حيدر إن اخفاق القوى السياسية والحزبية، موالاة أو معارضة، بالهيمنة على الحراك، يعتبر نقطة إيجابية تسجل له.
ويرى أن المطالب المتعددة للمتظاهرين على كل الأراضي اللبنانية تدحض كل الاتهامات بأن هذه الانتفاضة الشعبية ممولة من سفارات أجنبية أو أطراف سياسية محلية تحركها.
ولكنه يعتبر أن ثغرة واحدة يعاني منها هذا الحراك، وهي عدم وجود قيادة موحدة تؤطر عمله ومطالبه وبرنامجه وتضع آلية لتطويره.
ويرى حيدر أن هذه الثغرة استغلتها السلطة، ويجب تفويت الفرصة عليها من خلال تشكيل قيادة للحراك ومن داخله حصرا.
قيادة الشعب
وفي هذا الصدد، يرى الناشط بالحراك والمجتمع المدني عمار عبود أن ميزة هذه الثورة الشعبية أنه لا قيادة لها، فالثورة لا تحتاج لمن يقودها سيما وأن الشعب موحد على مطالبه.
ويضيف للجزيرة نت أن قول السلطة إن الثورة الشعبية لا تمتلك لائحة موحدة للمطالب في غير مكانه، فـالمطالب واضحة ويمكن تلخيصها وفق ما صدحت به حناجر المتظاهرين “إسقاط الحكومة وقانون انتخابي عصري وانتخابات برلمانية”. ويقول عبود “لا يمكننا أن نفاوض سلطة فقدت شرعيتها من خلال ثورة الشعب السلمية”.
بدوره يؤكد الناشط بالحراك الأستاذ الجامعي وليد فخر الدين أن لا ممثلين لهذه المظاهرات للتفاوض معها، وإذا ارادت السلطة أن تفاوض فعليها أن تتحدث مع جميع اللبنانيين الذين انتفضوا ضدها.
ويضيف للجزيرة نت أن الحديث عن خلل بالحراك وعدم وجود قيادة له “نوع من الاستخفاف بعقول اللبنانيين وثورتهم الكبرى التي لديها مطلب واحد: نريد أن ترحل هذه الحكومة ونريد حكومة انتقالية مكونة ممن هم خارج السلطة ومحاربة الفساد ومن سرق المال العام على أقله منذ العام 1990”.
الجزيرة نت
27\10\2019
POST A COMMENT.