مصارحة ومصالحة.. لقاء ينهي أزمة الحكومة في لبنان

عفيف دياب ||

أنهى لقاء المصارحة والمصالحة الذي عقد في القصر الرئاسي اللبناني، الأزمة السياسية التي عصفت بلبنان على مدى أربعين يوما نتيجة حادثة قبرشمون-البساتين في جبل لبنان بين الحزبين الديمقراطي اللبناني والتقدمي الاشتراكي، وسقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.

ولقاء المصارحة والمصالحة بين زعيمي الحزبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان الذي عقد برعاية رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، كانت أولى نتائجه عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، إضافة إلى وضع آلية معالجة ذيول الحادثة على المستويات السياسية والقضائية والأمنية.

ونجحت المساعي في تقريب وجهات النظر بين الرجلين والتوصل إلى بدء مسار مصالحة سياسية بين الطرفين، ووضع حادثة الجبل في مسارها القضائي من خلال المحكمة العسكرية بعد أن كان أرسلان يطالب برفعها إلى أعلى هيئة قضائية في البلاد (المجلس العدلي)، ومعالجة الارتدادات الأمنية للحادثة.

بيان أميركي
وكان قد سبق لقاء المصارحة والمصالحة بثلاثة أيام صدور بيان من السفارة الأميركية في بيروت، دعت فيه إلى معالجة حادثة الجبل قضائيا دون أي تدخل سياسي.

وأوضح البيان أن الولايات المتحدة كانت قد “عبَّرت بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية”.

ووصفت مصادر في بيروت هذا البيان بأنه سابقة في الأعراف الدبلوماسية، وأنه بمجرد صدوره من سفارة واشنطن “سرّع بإيجاد حل سياسي للأزمة، ولا سيما أن رئيس الجمهورية كان قد وصف الحادثة بأنها كانت كمينا لصهره وزير الخارجية جبران باسيل بعد أن عاشت البلاد على أنه خلاف بين الحزبين التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني”.

وأضافت المصادر للجزيرة نت أن التصعيد السياسي قبل لقاء المصارحة والمصالحة “كان ينذر بتفاقم الوضع الأمني والمالي، وأن الجميع شعر بمخاطر ذلك، وجاء البيان الأميركي ليشكل عامل ضغط على الجميع للجلوس معا والتفاوض وإيجاد حل سياسي للحادثة”.

ترهيب اقتصادي
وفي هذا المجال يقول الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية إن بيان السفارة الأميركية كان “واضحا وقاسيا والجميع فهم الرسالة”.

ويضيف للجزيرة نت أن الأمور بعد حادثة الجبل وصلت إلى الخط الأحمر، وأن انفراط عقد الحكومة كان يهدد البلاد”، موضحا أن الجميع شعر بالخطر وبالتالي كان لا بد من تنازلات.

ويقول إن أرسلان تراجع عن مطلبه تحويل القضية إلى المجلس العدلي، وأن جنبلاط لم يعد معترضا على عدم زيارة القصر الجمهوري، ورئيس البلاد ميشال عون تخلى عن مقولته إنه ليس شيخ عشيرة لعقد مصالحة بين قوى مختلفة.

ويتابع قمورية أن لانفراج الأزمة أبعادا خارجية لعبت دورها، ومنها بيان السفارة الأميركية، مشيرا إلى أن القادة في لبنان تلقوا تحذيرات دولية من مغبة الاستمرار في الخلاف السياسي نتيجة حادثة الجبل، ومن هذه التحذيرات أن المظلة الاقتصادية المؤمنة لحماية لبنان ماليا “قد ترفع”.

مرحلة جديدة؟
واعتبر مراقبون أن انعقاد لقاء المصارحة والمصالحة -الذي أثمر اجتماعا للحكومة بعد الاتفاق يوم أمس على أن لا يتطرق أحد من الوزراء إلى حادثة الجبل- قد أحدث ارتياحا في البلاد.

وقال وزير الإعلام جمال الجراح بعد الاجتماع نقلا عن رئيس الجمهورية إن الأخير أكد للوزراء أن الشق السياسي من حادثة الجبل قد انتهى على خير، ويؤسس لمرحلة جديدة فيها المزيد من التعاون والاستقرار السياسي لمصلحة لبنان.

وأضاف الجراح نقلا عن عون أن المسار القضائي للحادثة أخذ طريقه من خلال المحكمة العسكرية التي ستستمر في التحقيقات وسترفع نتائجها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، موضحا أن المسار الأمني قائم وينفذ.

 

الجزيرة نت 10 \8\2019

Facebook Comments

POST A COMMENT.