عفيف دياب ||
بدأت وزارة العمل اللبنانية تطبيق خطّتها لـ “مكافحة العمالة الأجنبيّة غير الشرعيّة” التي كانت أعلنتها في السادس من يونيو/حزيران الماضي، بهدف الحد من ارتفاع البطالة وحماية اليد العاملة اللبنانية من المنافسة “غير المشروعة” كما قالت.
وأحدثت هذه الخطة -التي باشرت فرق الوزارة تنفيذها ميدانيا بغية التحقق من حيازة العمال والموظفين من غير اللبنانيين لإجازات عمل رسمية لبنانية بالمؤسسات المتنوعة التي يعملون فيها- ردود فعل سياسية وشعبية واسعة في لبنان لا سيما في أوساط اللاجئين الفلسطينيين.
ورأى هؤلاء أن تطبيق خطة وزارة العمل يعتبر مسا مباشرا بمعيشتهم بعد أن تم تحرير محاضر ضبط قانونية ومالية بحق مشغليهم، تحت شعار “مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية”.
وعم الإضراب العام المخيمات الفلسطينية بلبنان، ونفذ اللاجئون اعتصامات احتجاجا على خطة وزارة العمل مطالبين باستثنائهم من تنفيذ هذه الإجراءات.
خطة ملتبسة
وحسب مراقبين، فإن المستهدف -غير المعلن رسميا- من الخطة هو اللاجئ السوري ومكافحة ما يوصف بمزاحمته لليد العاملة المحلية، لكنها أخذت في جريرتها اللاجئ الفلسطيني الذي تصف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أوضاعه المعيشية بأنها أدنى من المستوى المعيشي المتوسط بلبنان.
كما أكدت اللجنة أن من عوامل إفقار اللاجئ الفلسطيني الجوانب القانونية والتشريعية التي تضغط على ممارسة فئات منهم الأعمال والمهن التي يجيدونها. وقد تابع رئيس اللجنة حسن منيمنة مستجدات هذا الملف مع وزير العمل كميل أبو سليمان.
ونفى أبو سليمان أن تكون خطة وزارته تستهدف اللاجئين الفلسطينيين. وقال إن فرق الوزارة سطرت ما مجموعه 440 مخالفة من بينها مخالفتان لمؤسستين فلسطينيتين فقط، مؤكدا أن الحملة التي تنظمها الوزارة لا تستهدف هذه الفئة من اللاجئين.
من جهتها قالت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إنها تتابع إستراتيجية وزارة العمل بمكافحة العمالة الأجنبية غير النظامية والتي تتضمن اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين أكثر من سواهم من العمالة، مما أدى إلى إقفال العديد من المحال والمؤسسات وختمها بالشمع الأحمر، ووقف أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين عن العمل.
خصوصية
وأضافت لجنة الحوار في بيان أن القانون اللبناني -وفي ضوء تعديل قانونيْ العمل والضمان الاجتماعي- بات يعامل اللاجئ الفلسطيني كفئة خاصة من العمال الأجانب، وله وضعية قانونية تختلف عن باقي الجنسيات.
وقالت أيضا إنه وبغض النظر عن المواقف في الوقت الراهن من عمالة اللاجئين السوريين وسواهم من عمال أجانب، فإن كل ما ينتجه اللاجئ الفلسطيني داخل لبنان يبقى فيه، مما يعزّز الدورة الاقتصادية للبلاد، سواء أكان مصدرها من أصحاب المشاريع الصغيرة أو من تعب العمال والحرفيين.
كما أن لبنان يستفيد من حجم الأموال المتدفقة من خلال موازنة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تبلغ ثمانين مليون دولار، إضافة لما تصرفه المنظمات الدولية بالمخيمات والتجمعات الفلسطينية، وما يرسله المهاجرون الفلسطينيون إلى ذويهم اللاجئين في لبنان والتي تقدر بعدة مئات الملايين من الدولارات.
تحركات فلسطينية
يُذكر أن استهداف خطة وزارة العمل العامل الفلسطيني -من خلال محاضر الضبط بحق مشغليه- أحدث حراكا سياسيا فلسطينيا اعتراضا على خطة الوزارة.
وأعلن السفير الفلسطيني في بيروت أشرف دبور أنه بحث مع المسؤولين اللبنانيين إجراءات الوزارة الأخيرة بتطبيق قانون العمل اللبناني، والجوانب التي تطال اللاجئ الفلسطيني على الأراضي اللبنانية.
ودعا في بيان له الحكومة إلى “استثناء الفلسطينيين الموجودين قسرا على الأراضي اللبنانية من هذه الإجراءات، خاصة وأننا لبنانيون وفلسطينيون في خضم مرحلة من التعاون المشترك لمواجهة تبعات صفقة القرن ومشاريع التوطين”.
من جهة أخرى، أكد اللقاء السياسي الشعبي النقابي الاقتصادي الفلسطيني الذي انعقد في بيروت أن العامل الفلسطيني ليس وافدا أجنبيا بل هو لاجئ مقيم قسرا على الأراضي اللبنانية.
ودعا في بيان له إلى الوقف الفوري للإجراءات الصادرة عن وزير العمل، وإعفاء الفلسطيني من إجازة العمل، وتعديل حق عمل الفلسطينيين لتشمل الفئات المهنية والكفاءات خاصة من الشباب.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضت في بيان لها إجراءات وزارة العمل في لبنان ضد اللاجئين الفلسطينيين، ووصفتها بـ “سياسة القتل البطيء” مطالبة بوقف فوري لإجراءات وزارة العمل بحق مؤسسات فلسطينية فيه.
ورأت حماس أن هذا القرار “لا يخدم العلاقة والحوار اللبناني الفلسطيني، وإنما يندرج في خدمة مضامين وأهداف صفقة القرن التي تسعى إلى شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين”. وطالبت بإعادة فتح المؤسسات التي أغلقت ووقف تعقب العمال الفلسطينيين.
الجزيرة نت
16\7\2019
POST A COMMENT.