عفيف دياب ||
تصاعدت في لبنان المطالبة بتطبيق السلطات قانون مناهضة التعذيب في السجون، الذي أقره البرلمان عام 2017.
وجاءت هذه المطالبات بعد تسجيل وفاة سجين اتهمت السلطات بتعريضه للتعذيب الجسدي والنفسي، إضافة إلى تحقيقات جارية حول وفاة اثنين آخرين نتيجة تعرضهما للتعذيب أواسط الشهر الحالي أثناء توقيفهما في سجن بضاحية بيروت الجنوبية.
وقد سبقت وفاة هؤلاء الثلاثة تسجيل عشرات حالات الوفاة في السجون اللبنانية بسبب التعذيب منذ بداية العام 2000.
وبالإجماع أقر البرلمان اللبناني -نتيجة تدخلات منظمات حقوقية وإنسانية دولية ووطنية- قانون تجريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة في سبتمبر/أيلول 2017 ونشر في الجريدة الرسمية في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، ولكنه لم يدخل حيز التطبيق لعدم تخصيص الحكومة موازنة للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وتعيين أعضائها العشرة، إذ سجلت بعد إقراره وفاة أكثر من حالة جراء التعذيب.
اعترافات بالإكراه
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب، إنها وثقت ثماني حالات تعرض أصحابها للتعذيب وسوء المعاملة في السجون اللبنانية، وذلك بعد دخول قانون مناهضة التعذيب حيز التنفيذ.
وأكدت المنظمة أنها راجعت السجلات الطبية، وتحدثت مع ضحايا التعذيب وأفراد أسرهم، ومحامين وناشطين مؤسسين في المجتمع المدني المختص في مناهضة التعذيب، وأعضاء في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
وقالت إنها في جميع الحالات التي وثقتها، ذكر ضحايا التعذيب أمام القاضي أن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت الإكراه، مشيرة إلى أن القضاء في لبنان لم يفتح تحقيقا في هذه الادعاءات.
ويقول المحامي توفيق الضيقة -والد حسان الضيقة الذي يعتقد أنه توفي جراء تعرضه للتعذيب في السجن خلال مايو/أيار الماضي- إن ولده تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي مما تسبب بوفاته، موضحا للجزيرة نت أنه تقدم بشكوى حول وفاة ولده، وأنه يتابع ملفه مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية، مطالباً بتطبيق قانون تجريم التعذيب في السجون اللبنانية فورا وبدون تلكؤ.
وقد ناقشت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية قضية وفاة الضيقة وآخرين، وقال رئيسها النائب ميشال موسى إن هناك حالات تعذيب في السجون اللبنانية و”لكن لا يوجد تعذيب ممنهج”، مؤكدا أن اللجنة “تصر على تطبيق القانون الذي أقره البرلمان لمناهضة التعذيب”.
ودعا موسى في مؤتمر صحفي إلى “تخصيص تمويل فوري للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وإكمال نظامها الداخلي”.
وفي هذا الصدد يقول مدير المفكرة القانونية المحامي نزار صاغية إن آلية الوقاية من التعذيب في لبنان أو مكافحته ما تزال معطلة.
ويضيف صاغية خلال مناقشة ملف تعرض الفنان زياد عيتاني للتعذيب وانتزاع اعترافات منه غير صحيحة واتهامه بالتعامل مع إسرائيل، أن القانون الصادر بشأن جرائم التعذيب في لبنان وآليات الوقاية منه “تم تعطيلها كلها”.
جدية التحقيقات
ولبنان الذي وقع عام 2008 على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عن الأمم المتحدة، مطلوب منه أن ينشئ في غضون سنة من تصديقه عليه هيئة مستقلة مخولة بزيارة أماكن الاحتجاز بهدف الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وهو ما لم يحصل حتى الآن حسبما تقول مديرة البحوث للشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية لين معلوف في حديثها للجزيرة نت. وتضيف لين أن على الحكومة اللبنانية تطبيق القانون الذي أقره مجلس النواب لمناهضة التعذيب، وتفعيل عمل الهيئة الوطنية المستقلة، وتأمين الأموال اللازمة لذلك، مشيرة إلى إن السلطات اللبنانية لم تجر بعد تحقيقات جدية في تهم تعرض سجناء للتعذيب وانتزاع اعترافات منهم بالإكراه.
الجزيرة نت
30\6\2019
POST A COMMENT.