أي تأثيرات لحادثة الشحار على استقرار لبنان الأمني والسياسي؟

عفيف دياب ||

لم تنتهِ بعد تداعيات الحادثة الأمنية التي وقعت الأحد في منطقة الشحار الغربي قرب مدينة عالية بجبل لبنان، التي أسفرت عن مصرع مرافقَين لوزير شؤون النازحين صالح الغريب المنتمي إلى الحزب الديمقراطي اللبناني، وجرح آخرين من مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.

ونجحت الاتصالات السياسية والأمنية التي تولتها أكثر من جهة نسبيا في ضبط الوضع على خطي الأمن والسياسة، بعد أن عمد مناصرو الحزب الديمقراطي إلى قطع عدد من الطرق الفرعية والرئيسة في جبل لبنان الجنوبي، مطالبين بتسليم من يعتقد أنهم من مطلقي الرصاص على موكب الوزير صالح، في وقت أعلن الحزب التقدمي الاشتراكي التزامه الكامل بنتائج التحقيقات الأمنية والقضائية، داعيا مناصريه إلى الالتزام بالهدوء.

وكان مجلس الدفاع الأعلى قد انعقد في القصر الرئاسي اللبناني بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الدفاع والداخلية والمالية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية.

واتخذ المجلس قرارات وصفها بيانه بالحاسمة لإعادة الأمن إلى المنطقة التي شهدت أحداثا دامية وتوقيف جميع المطلوبين وإحالتهم على القضاء، وذلك “وأدا للفتنة وحفاظا على هيبة الدولة في ظل توافق سياسي يظلل الأمن في كل بقعة من لبنان ويحصنه”.

توافق سياسي
والتوافق السياسي “الهش” -كما وصفه أحد وزراء الحكومة اللبنانية للجزيرة نت- كان سببا فيما جرى في منطقة الشحار الغربي. ويضيف المتحدث ذاته أن التفاهمات السياسية بين كبار القادة وأحزابهم في البلاد “لم تثمر استقرارا أمنيا، فالإشكالات المتكررة متأتية من الخطاب السياسي الذي لا يخلو من التحريض والتجييش”، معتبرا أن ما جرى في منطقة الشحار الغربي “هز الاستقرار الأمني في البلد”.

والاستقرار الأمني الذي اهتز بحادثة الشحار الغربي، سبقته حوادث مماثلة في أكثر من منطقة بجبل لبنان خلال هذا العام والنصف الأخير من العام الماضي. ويقول المحلل السياسي منير ربيع إن ما جرى ما هو إلا “رسالة من مناصري جنبلاط لكل من يحاول تطويقه ومحاصرته”.

ويضيف للجزيرة نت “ما جرى لم يكن وليد ساعته، فجنبلاط قدم كثيرا من التنازلات للحفاظ على الاستقرارين السياسي والأمني، وتعرض مناصروه في عقر دارهم لأكثر من اعتداء من مناصري أرسلان وحلفاء النظام السوري، وشنت عليه حملات سياسية لعزله”. ويتابع ربيع أن جنبلاط “استوعب الخطاب السياسي الموجه ضده من قبل وزير الخارجية جبران باسيل”.

فرصة سانحة
ويضيف أن باسيل اعتبر هدوء جنبلاط فرصة سانحة للانقضاض عليه ولا سيما أن علاقات الأخير متوترة مع حزب الله وسعد الحريري ومع رئيس الجمهورية والنظام السوري، وأن توجيه ضربة قاضية له قد حان موعدها في عقر داره، معتبرا أن جمهور جنبلاط لم يعد قادرا على ضبط نفسه بعدما وضع السكين على رقبته من قبل حلفاء النظام السوري بلبنان.

وتحوّل الاستقرار الأمني اللبناني الذي اختل بعد حادثة الشحار إلى مناسبة لتبادل الاتهامات حول ما جرى ومن يتحمل المسؤولية. وقال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في مؤتمر صحفي إن موكب وزير حزبه بالحكومة صالح الغريب تعرض لكمين مسلح، متهما جنبلاط بأنه المحرض، ودعا الدولة إلى أن تأخذ قرارها “إما أن تحمي الناس أو أن يحمي الناس أنفسهم”.

من جهته، يقول مفوض الإعلام في الحزب التقدمي رامي الريس للجزيرة نت إن ما يحكى عن محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب ليس صحيحا، موضحا أن احتجاجات شعبية سجلت ضد زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى منطقة الشحار الغربي. وبيّن أن الحزب التقدمي ضبط الشارع الذي استفزه الخطاب الطائفي و”لكن للأسف اقتحم موكب الوزير صالح الغريب أمكنة طرقاتها مقطوعة وأظهرت أشرطة الفيديو أن مرافقيه أطلقوا الرصاص على المواطنين”. وأكد الريس أن حزبه “لن يذهب إلى أي اتجاه تصعيدي، ونحن لنا حيثية شعبية لا يمكن لأحد أن يلغيها”.

الجزيرة نت

2\7\2019

 

Facebook Comments

POST A COMMENT.