عمر الزعني.. راصد تحولات لبنان
عفيف دياب ||الجزيرة نت
لم تمت أغاني عمر الزعني بعد مرور أكثر من 58 عاماً على رحيل هذا الشاعر والمغني الشعبي اللبناني، صاحب الأغنية الانتقادية والساخرة من تحولات بلاده السياسية والاجتماعية خلال النصف الأول من القرن الماضي.
أطلِق الزعني (1895-1961) في لبنان لقب “موليير الشرق”، ولم تزل أغنياته تبث عبر أثير إذاعات لبنانية لما تشكله من تعبير واقعي عن أحوال لبنان وأهله اليوم، وهي التي لم تتغير منذ أن أطلق الزعني مؤلفاته الشعرية والغنائية، وكأن البلاد أصيبت بحال من الجمود فلم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام على مختلف المستويات، كما يقول الفنان اللبناني سامي حواط في حديثه للجزيرة نت.
ناقد التحولات
لم يتبدل الواقع السياسي اللبناني أو يتحسن نحو الأفضل منذ بدأ عمر الزعني ينظم الشعر المحكي وينتقده بقسوة عام 1900 وحتى وفاته عام 1961، وهو ما تجد فيه جمعيات وأندية ثقافية لبنانية مناسبة للتذكير بالزعني ونشر تراثه الشعري والموسيقي والغنائي.
يقول رئيس “ناد لكل الناس” نجا الأشقر إنهم يعملون على إحياء تراث الزعني وإعادة نشر أغانيه وأشعاره، موضحاً أن “جيلنا لم يعاصر الزعني، لذا نبحث اليوم عن أغانيه وأشعاره، فنحن في زمن لم يتغير كثيراً عن الزمن الذي عاش فيه فنان الشعب أو ابن البلد كما كانوا يلقبونه”.
ويضيف الأشقر في حديثه للجزيرة نت أن عدداً من الفنانين والموسيقيين اليوم يعملون على إعادة تسجيل وتوزيع أغاني الزعني، أمثال أحمد قعبور وتانيا صالح ومنير الخولي وياسمين حمدان وطارق يمني وغيرهم، مشيرا إلى أن استعادة أعمال هذا الفنان -الذي يشبه سيد درويش في مصر- عمل ثقافي مهم.
وتوجد أكثر من 50 أسطوانة مسجلة للزعني يجب إعادة إنتاجها من جديد بحسب الأشقر، مشيرا إلى استمرار نفس الواقع الذي انتقده الزعني منذ أكثر من خمسة عقود.
ويقول الباحث في علم الاجتماع أكرم الريس للجزيرة نت إن الزعني كانت لديه نزعة لنقد التحولات الاجتماعية اللاهثة وراء التحديث السطحي والتقليد لنمط الحياة الأوروبية والنقمة على التفاوت الطبقي.
الولادة
ولد الزعني في بيروت عام 1895، ونال الشهادة الثانوية (البكالوريا) من الكلية الإسلامية عام 1913، وبعد تخرجه من المدرسة الحربية في حمص عام 1916، عين ضابطا في الجيش التركي.
بعد انتفاضة 1916 في بيروت وإعدام جمال باشا كوكبة من الشخصيات اللبنانية، أبعد الزعني إلى فلسطين وعاد منها عام 1918، ليعمل بعدها مديرا للكلية الإسلامية في بيروت ومدرسا للموسيقى وموظفا في المحكمة البدائية.
نبض الناس
بعد احتلال فرنسا للبنان (1920-1943)، عارض الزعني هذا الاحتلال وأخذ يواجه لاحقاً تحولات بيروت اجتماعيا وثقافيا، وهو الذي بدأ فنانا مونولوجيًّا من خلال عمله مع الأديب والمسرحي رائف خوري عام 1921 في مسرحية “جابر عثرات الكرام” مقدمًا في فصولها أغانيه السياسية.
الزعني الذي تزامنت ولادته الفنية مع ولادة “لبنان الكبير”، تناول في قصائده وأغانيه السياسة الجديدة لبلاده، وكانت أغنيته “بدنا بحرية يا ريس” التي انتقد فيها الرئيس الأول للبنان الكبير شارل دباس، مدخله إلى الشهرة الشعبية.
يقول سمير الزعني الأمين العام لتراث عمر الزعني في حديثه للجزيرة نت إن فنان الشعب “كان يحرك الشارع والناس تخاف منه عندما يقول قصيدة”.
ويضيف أن الزعني “كان يتلمس نبض الشارع ويقدم له ما يعبر عن غضبه وأحلامه وطموحاته، وهو ما عرضه لكثير من المضايقات والسجن”.
8\4\2019
Facebook Comments
POST A COMMENT.