عفيف دياب ||
تشهد العلاقات الروسية-اللبنانية تقاربا متصاعدا منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا. وحسب مراقبين، لم تتجاهل العين الروسية سواحل لبنان -التي تمثل امتداد طبيعيا للساحل السوري- حيث حقول الغاز المكتشفة في المياه الإقليمية للبلدين.
وكان التعاون الروسي-اللبناني مقتصرا على تبادلات تجارية محدودة بعد أفول نجم الاتحاد السوفياتي، الذي اكتفى في تلك الحقبة بتقديم منح تعليمية لطلاب من أحزاب يسارية لبنانية.
يقول الباحث السياسي نضال خالد للجزيرة نت إن هؤلاء الطلبة شكلوا قاعدة موالية مهمة لموسكو “الحمراء”، التي تحولت اليوم إلى لون آخر نجح في نسج علاقات متنوعة مع مختلف القوى والطوائف والملل اللبنانية.
ويضيف أن روسيا التي تطمح إلى أن تكون “شرطيا” عسكريا وسياسيا توسعيا لأهداف اقتصادية وتجارية، وجدت في الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد “فرصة لا تتكرر كي تدخل بكل قوتها العسكرية إلى الميدان السوري ومرافقه البحرية، وصولا إلى لبنان الذي يعتبر حديقة خلفية لسوريا”.
ويعتبر خالد أن موسكو حققت تقدما مهما في تواجدها بسوريا، وبدأ تمددها نحو لبنان من ملفات متعددة؛ أبرزها عودة اللاجئين السوريين والغاز والنفط والتعاون العسكري، ومهدت لذلك بفتح قنوات اتصال سياسية مع مختلف الأحزاب والبيوت السياسية اللبنانية الأخرى التي زارت روسيا أو زارتها موسكو في لبنان، حسب رأيه.
طموحات موسكو
وعلى حد وصف السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين، فإن العلاقات اللبنانية الروسية تتطور، و”أصبحت تقليدية ومتساوية، مضيفا أن موسكو تقف على مسافة واحدة من الحكومة والأحزاب الأساسية.
وحسب السفير، “تبقى العلاقة أقرب مع من تتطابق وجهات نظره معنا حيال ملفات المنطقة، وأبعد حيال من لا تتطابق”، موضحا أن ما يهم روسيا هو الاستقرار اللبناني الداخلي والحوار الوطني وعودة اللاجئين السوريين”.
ولم يخف السفير الروسي قلق بلاده من حملة الولايات المتحدة ضد حزب الله، واتخاذها عقوبات مالية ضده، معتبرا أن “هذا الأمر مقلق، ونحن ضد تجربة العقوبات في أي مكان، ولكن الأهم أن الأحزاب اللبنانية الممثلة في الحكومة متفقة، وهذا يساعد على الأمن والاستقرار”.
بلد توازنات
ويرى أن لبنان تقليديا هو “بلد توازنات، ومثل المرآة التي تنعكس عليه الخلافات الإقليمية، ولروسيا دور مميز لعلاقاتها الجيدة مع كل الأطراف”.
وموسكو التي لها طموحات أكبر من التعاون السياسي مع لبنان، دخلت بقوة من الباب الاقتصادي، فقد نالت حصتها من تكليفات لبنان شركات كبرى بالتنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، حسب المتحدث.
ويقول زاسبيكين إن بلاده تهتم عندما تطرح المشاريع الكبرى، موضحا أن موسكو عقدت صفقة كبرى مع بيروت لاستخراج النفط والغاز إضافة إلى عقد جديد مع وزارة الطاقة اللبنانية لإدارة المرفأ البترولي في شمال لبنان، و”هذه الاتفاقات إستراتيجية وطويلة الأمد”.
وأكد أنه “لا أهداف سياسية” وراء هذه الصفقات مع لبنان وأن موسكو “معنية بأمن الاستقرار بما في ذلك بين إسرائيل ولبنان وسوريا وهذا من الأهداف الاستراتيجية لنا”.
محور غاز روسي
من جهته، يرى الكاتب السياسي ميشال أبو نجم أن تعزيز العلاقات اللبنانية الروسية يشكل حاليا النتيجة الطبيعية للدور الروسي المحوري في المشرق، الذي يركز خطواته على الاستقرار ومواجهة الإرهاب والاستفادة من ملف الغاز في شرق المتوسط.
والهدف من هذه الخطوات مواجهة ما وصفه أبو نجم “بتشكل محور غازي قوي بين مصر وإسرائيل وقبرص واليونان، والذي قد يسهم في التأثير على مبيعات الغاز الروسي لأوروبا في حال مد أنبوب شرق المتوسط إلى إيطاليا.
وشدد الكاتب على أهمية “استفادة لبنان من دور روسيا في ظل تصاعد دورها على حساب الأحادية الأميركية المنكفئة عن المنطقة، وتحديدا في ملف النازحين السوريين وتشكيل غطاء حماية للبنان، خاصة أن روسيا ليست لها مطامع أو نزعات إيديولوجية تؤدي إلى زيادة الانقسامات المذهبية”.
المصدر : الجزيرة نت
21\2\2019
POST A COMMENT.