عفيف دياب ||
قبل سنة تقريباً، أوقف جهاز أمن الدولة اللبناني في بيروت الممثل المسرحي زياد عيتاني، وهو ما أحدث صدمة في الرأي العام، لا سيما أن التهمة التي سربها الجهاز إلى وسائل إعلامية محلية، كانت تواصل عيتاني مع العدو الإسرائيلي والتعامل مع جهازه الاستخباراتي الموساد.
وانبنت تلك الاتهامات على أن سيدة تدعى “كوليت” أغوته بجمالها وحسنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم أغرته بالتعامل لصالح إسرائيل بهدف استهداف شخصيات سياسية لبنانية.
ولم يطل الأمر حتى ظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتبين -وفق تحقيقات أمنية توسعت بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي- أن التهمة “مفبركة” للممثل المسرحي عيتاني، وأنه لا صحة لرواية جهاز أمن الدولة.
وهكذا أخلى القضاء سبيل الممثل وأوقف المحاكمة، متوسعاً في التحقيق ومدعياً على ضابطة بمكتب جرائم المعلوماتية ومخبر يعمل لديها، حيث عملا على اتهام عيتاني بالعمل لصالح العدو الإسرائيلي كانتقام من الممثل لمجرد أنه انتقد الضابطة على وسائل التواصل.
التهمة عمل مسرحي
وهذه القصة -التي شغلت الرأي العام اللبناني والعربي، وأصبحت عنواناً سياسياً باليوميات اللبنانية على مدى أشهر- عادت اليوم لدائرة الاهتمام من جديد مع قيام المسرحي زياد عيتاني مع مجموعة من الممثلين اللبنانيين (خالد صبيح، وأحمد الخطيب، وزياد شكرون، وفراس عنداري) بتجسيد ما جرى معه، في عمل مسرحي (كتابة عيتاني وخالد صبيح وإخراج هاشم عدنان) بدأ عرضه على خشبة المسرح في العاصمة بيروت، وحمل عنوان “وما طلت كوليت”.
فمسرحية ما جرى مع عيتاني واقعياً -كما يقول- و”مسرحته” ما عاناه في قوالب كوميدية سوداء؛ أراد من خلالها الممثل إيصال رسائل متعددة إلى من يعنيهم الأمر السياسي في لبنان ومن خلفهم “هواة الأمن السياسي”، الذي تعرض لنكسة جراء ما “فبرك” له من تهمة، كما يقول عيتاني للجزيرة نت.
مانيفست سياسي
ويتابع أنه قرر أن يقتبس ما جرى معه لرفع الصوت في وجه الجلاد، و”ما يفبركه من تهم لكل شخص لا يتناسب معه أو مع توجهاته السياسية”. ويضيف أن ما جرى معه جرى بتهم مشابهة مع مئات، وربما الآلاف من الشباب العربي.
ويقول عيتاني إنه لجأ إلى القضاء لإنصافه واسترداد حقه كمواطن أولا، و”بالتالي كان لا بد لي أيضاً أن ألجأ إلى خشبة المسرح لأخبر الرأي العام بتفاصيل ما جرى معي وما وقع علّي من ظلم طيلة 109 أيام في أقبية التحقيق والسجن”.
ويؤكد أن “مسرحة” ما تعرض له “ليست رسالة بقدر ما هي قصة شاهد على قضايا كبرى كالفساد والظلم والإعلام الموجه من قبل السلطة، وكيف يمكن تشويه الحقائق لأتفه الأسباب”.
ويضيف أنه ومن خلال مسرحيته الجديدة “أكشف الحقيقة للجمهور، وكيف تعمل بعض الأجهزة الأمنية وتهدد مصير مواطن لمجرد اختلافه في الرأي مع أحد النافذين في السلطة”. مؤكداً أن “وما طلت كوليت” ليست فقط مسرحية، بل هي “ما يمكن أن نسميه مانيفيست سياسيا عن واقع لبناني وعربي، وحتى لا تتكرر مسرحية ما جرى معي”.
ويقول مخرج المسرحية خالد صبيح إن المسرحية “نوع من العلاج لنا ولجمهور زياد، فـجميعنا انصدمنا بداية من التهمة التي وجهت له، وكانت فترة صعبة عليه وعلينا، ولذا سعينا لإنتاج عمل مسرحي يحكي القصة بهدف الضحك على الخوف”.
ويتابع صبيح “نقدم بالمسرحية مجموعة من الأفكار بشكل بسيط، ومن دون تعقيدات، حيث ننتقد وضعنا الطائفي والسياسي وتعاطي وسائل الإعلام مع بعض القضايا، والسلطة وطرق حكمها”.
الجزيرة نت
27\11\2018
|
POST A COMMENT.