دار الصياد تقفل ابوابها.. الصحفة الورقية تحتضر
عفيف دياب ||
أقفلت “دار الصياد” اللبنانية للصحافة والنشر أبوابها بعد عقود من العمل اليومي المستمر. هذه الدار التي أصدرت عشرات المطبوعات، وجدت نفسها فجأة في أتون معاناة الصحافة الورقية اليومية.
العاصمة اللبنانية التي يصفها البعض بأنها مهد الصحافة العربية، ها هي “تتحول إلى لحد للصحافة أو ما تبقى منها” على حد قول رئيس تحرير جريدة يومية فضل عدم ذكر اسمه، متحدثا بحسرة عن “زمن الصحافة الورقية اللبنانية التي تموت ببطء”.
ويضيف للجزيرة نت “علينا أن ندفن الميت بما يليق به، وها نحن ندفن ما تبقى من جرائدنا بصورة عشوائية لا تليق بها، ولا بتاريخها العريق”.
ويتابع “كانت بيروت تضج العالم العربي بصحفها.. أكثر من 16 صحيفة يومية كانت تصدر صباح كل يوم وتبيع يوميا أكثر من 100 ألف نسخة، أما خلال العقد المنصرم فقد تراجع عدد الصحف اليومية ومعها عدد القراء”.
وأوضح أن الصحف اليومية اللبنانية اليوم “لا تبيع أكثر من 20 ألف نسخة، وهذا الأمر لا أعتقد أن المسؤولية يتحملها القارئ، بل نحن أصحاب الصحف الذين لم نواكب تطور مهنة صناعة الصحافة الورقية”.
صورة قاتمة
و”دار الصياد” التي أسسها الصحفي اللبناني الراحل سعيد فريحة عام 1943، ليست الدار الأولى التي تقفل أبوابها في بيروت، فقد سبقتها في أقل من عام ونصف دور صحفية صمتت مطابعها واحتجبت عن الصدور كجرائد “السفير” و”الحياة” و”الاتحاد”، و”البلد”.
كما وجدت مجلات سياسية وفكرية وفنية أسبوعية وشهرية في الإقفال وسيلة وحيدة للحد من خسائرها، بينما تتحدث معلومات صحفية في بيروت عن توجه عام لدى إدارة صحيفتين يوميتين للإقفال نهاية العام الحالي.
ويقول نقيب المحررين الصحفيين اللبنانيين إلياس عون للجزيرة نت إن الصحافة الورقية اللبنانية في “أسوأ أيامها، ومستقبلها قاتم والصورة سوداوية”، مبديا تخوفه من أن تلحق صحف أخرى بدار الصياد ومن سبقها إلى الإقفال، وتشريد مئات الصحفيين والمحررين والمصورين.
ويضيف عون أن نقابة المحررين تجري اتصالاتها مع المسؤولين في الدولة اللبنانية لإيجاد حل سريع يحمي ما تبقى من صحافة ورقية في البلاد، آملا أن “تصمد الصحف المتبقية، وعلى الدولة أن تحمي السلطة الرابعة لا أن تتغنى بها فقط”.
أسباب موضوعية
ويرفض المعنيون الحديث عن إعلان “دار الصياد” وقف إصدار جميع مطبوعاتها اليومية والأسبوعية والشهرية، وهل السبب مقتصر على تراجع المبيعات وأسباب مالية وتراجع عدد القراء، أم أن حرفة الصحافة الورقية لم تعد تجدي نفعا؟
ويقول صحفي في الدار المقفلة للجزيرة نت إن “قرار الإقفال كان متخذا منذ سنة تقريبا، وقد تمت ترجمته هذا الشهر. كما لا يمكن تجاهل الأزمة المالية التي يعاني منها القطاع الإعلامي اللبناني، وتراجع عدد القراء والإعلانات والاشتراكات”.
الإعلام الإلكتروني
ولكن هل الأزمة المالية التي تعاني منها الصحافة الورقية هي السبب المباشر لإقفال دور صحفية في بيروت؟ يقول أحد مؤسسي جريدة “الحوار نيوز” الإلكترونية حسن علوش إن الإعلام الورقي في لبنان يعاني أزمة أساسية هي تراجع المداخيل إلى حدود الصفر.
ويضيف للجزيرة نت أن الصحافة الورقية كانت تعتمد في جزء من مداخيلها على المال السياسي، موضحا أنه لا بديل عن الإعلام الورقي شرط أن يطور نفسه شكلا ومضمونا، وأن يواكب النشر الإلكتروني.
ويقول علوش إن تجربتهم في الجريدة الإلكترونية “مشجعة من حيث عدد القراء، ومن هنا لا بد من التكامل بين الورقي والإلكتروني لنجاحهما ونموهما معا”.
الجزيرة نت 16\10\2018
Facebook Comments
POST A COMMENT.