عفيف دياب ||
لم يخرج الإعلام اللبناني من انقساماته السياسية في متابعة قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فاختفاؤه بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول قدّم نموذجا لانقسام الإعلام، وتحول التضامن معه وفق مراقبين إلى فرصة لتسجيل مواقف سياسية لدى وسائل الإعلام اللبنانية.
وتقول أستاذة الإعلام في الجامعة اللبنانية مها زراقط إن الإعلام اللبناني “لم يقدر على الخروج من اصطفافه، وهي حال تنطبق أيضا على الإعلام العربي بشكل عام”.
وتضيف للجزيرة نت أن الإعلام اللبناني واكب قضية خاشقجي من زاوية تسجيل المواقف مع السعودية أو ضدها، وليس لكونه صحفيا تعرض للإخفاء القسري.
وتتابع أنها من خلال مواكبتها للإعلام الغربي، تبين لها أن الصحف الغربية كانت مهتمة بشكل مهني نسبيا، حيث كان همّها هو البحث عن الحقيقة بعيدا عن الموقف السياسي.
وبالرغم من تعرض عشرات الصحفيين والكتّاب في لبنان إلى عمليات قتل واغتيال وتهديدات، لم تنجح الصحافة اللبنانية في إيلاء قضية خاشقجي “حقها المهني”، بل تحولت الجرائد والقنوات والإذاعات المحلية إلى منابر تتراشق التهم حول القضية، متجاهلة الجانب الإنساني والحقوقي فيها.
ارتزاق
ويقول الكاتب السياسي أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية جمال واكيم إن البعض أثار مواقف سياسية سابقة للصحفي خاشقجي، ليبني موقفه السياسي والإعلامي على أساسها.
ويضيف للجزيرة نت أن على الجسم الإعلامي اللبناني والعربي أن يتضامن مع خاشقجي، سواء كان مواليا لتوجهاته السياسية أو معارضا لها.
ويرى واكيم أن نسبة قليلة من الإعلام اللبناني والعربي تعاطى مع القضية من منطلق مهني، وأن البعض جاءت إدانتهم لاختفائه من باب الانتقاد للسعودية وليس رفضا لما أصاب الرجل، وهذا بسبب الارتزاق، بحسب وصفه.
ويتابع “أما من وقف مع السعودية واعتبر أنها تتعرض لهجمة سياسية وإعلامية فجاء موقفه على خلفية الارتزاق أيضا”، وهو ما يطرح تساؤلات عن موقع القيم الأخلاقية في الإعلام اللبناني والعربي، بحسب رأيه.
سقطة
من جهته، يرى الصحفي توفيق شومان أن الإعلام اللبناني انقسم في تعاطيه مع القضية، فهناك طرف تعاطى معها كخبر عادي، وطرف ثان لم يدخل في السجال وكان أقرب للطرف الأول، أما الثالث فتقصيره نابع من عدم تناوله للقضية من منظور الحريات العامة وحرية الرأي.
واعتبر أن الإعلام اللبناني “تعرض لسقطة أخلاقية عميقة جدا”، وأنه كان عليه أن يرفض سياسات كمّ الأفواه والقتل.
أما الكاتب الصحفي حسان الزين فيقول إن التغطية الإعلامية اللبنانية لقضية خاشقجي “كانت تغطية جبانة وحذرة ومنحازة”.
ويضيف للجزيرة نت أن بعض وسائل الإعلام اللبنانية كانت حذرة كي لا تزعج السعودية، بينما تعامل فريق آخر مع الملف من زاوية “التشفي والشماتة”.
الجزيرة نت 19\10\2018 |
POST A COMMENT.