وسيم الزهيري ||
ليست المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع تشريع زراعة الحشيشة في لبنان لأغراض طبية على بساط البحث، غير أن الكلام المنقول مؤخرا عن رئيس البرلمان نبيه بري في هذا السياق أعطى المسألة بعدا أكثر جدية وشكل مؤشرا على مرحلة أخرى قد تنتقل إليها البلاد على مستويات متعددة، خاصة في المجال الاقتصادي. وفي حين أوضح بري أن المجلس النيابي بصدد التحضير لإقرار القوانين اللازمة معلنا تكليف لجنة اختصاصيين لهذا الغرض، قال وزير الاقتصاد اللبناني رائد خوري إن تشريع هذه الزراعة سيدخل نحو مليار دولار سنويا. ومنذ ما قبل استقلال لبنان عام 1943 شكلت زراعة الحشيشة المحظورة قانونا، عاملا مهما في تأمين معيشة قسم كبير من أبناء منطقة بعلبك الهرمل في البقاع شرقي البلاد، وتزايدت المساحات المزروعة بهذه النبتة بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، مما أدى إلى تنامي نسبة الاتجار بها في الداخل إضافة إلى تهريب كميات منها إلى الخارج. ولم تفلح القرارات والحملات السياسية والإعلامية والأمنية والتحذيرات الدولية في وقف نمو هذه الزراعة ومنع الاتجار بها، بينما صنّفت الأمم المتحدة لبنان قبل عامين بثالث أكثر البلدان تصديرا للحشيشة. وفي وقت تبدي معظم القوى السياسية والحزبية تأييدها تشريع زراعة الحشيشة بغية استخدامها لأغراض طبية وصيدلانية، تضمن التقرير الأخير لشركة الاستشارات المالية العالمية “ماكينزي” توصيات بإصلاح الاقتصاد اللبناني، ومنها تشريع بيع الحشيشة لأغراض طبية. ويقول النائب ياسين جابر عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، إن حملة كبيرة طالت زراعة الحشيش قبل عشرين عاما تقريبا تزامنت مع وعود بتأمين زراعات بديلة منتجة، لكن هذه الوعود لم تنفذ وبقيت منطقة بعلبك الهرمل أسيرة الفقر والعوز. ولفت جابر للجزيرة نت إلى توجه في هذه المرحلة بوجوب تشريع زراعة الحشيش مع حصر استعماله لأغراض طبية، مشيرا إلى ضرورة وضع الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة وخلق هيكلية إدارية شبيهة بإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية. وعن عدم إمكانية ضبط هذه الزراعة بسبب ضعف أجهزة الدولة في بعض المناطق، قال جابر إن الأمر شبيه بما هو حاصل بتنظيم زراعة التبغ، مؤكدا ضرورة وضع آلية واضحة تقضي بتقديم طلبات للحصول على التراخيص اللازمة يعقبها تصوير جوي للتدقيق وتحديد كميات الإنتاج وتسليمه كاملا إلى الجهات الرسمية. وقد تساءل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن قدرة أجهزة الدولة على حصر زراعة الحشيشة بإطارها الطبي ومنع تفلت الأمور، غير أن هذه الطروحات لم تتجاوب معها القوى السياسية حتى الآن. مردود اقتصادي وقال بالوظة للجزيرة نت إن تحويل زراعة الحشيشة إلى اقتصاد رسمي سيسهم في تخفيف البطالة وتحريك الدورة الاقتصادية، وأوضح أن استخدام الحشيشة في الداخل لأغراض طبية سيؤدي إلى إنشاء مصانع أدوية جديدة، كما أن تصديره إلى الخارج سيوفر مردودا اقتصاديا وماليا كبيرا. من الواضح أن مسألة تشريع زراعة الحشيشة وضعت على السكة الرسمية وإن كانت بحاجة لبعض الوقت، لكن النقاش فتح حول سبل تنظيم هذا القطاع والنتائج المتوخاة منه. |
الجزيرة نت
27\7\2018
POST A COMMENT.