عفيف دياب ||
ارتفعت في لبنان استدعاءات الناشطين والصحفيين إلى مراكز التحقيق الأمنية، إضافة إلى التوسع في اتخاذ قرارات جزائية بحبس أفراد على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو تحقيقات وتقارير إخبارية، مما يشير إلى تراجع حرية التعبير في لبنان يوما بعد يوم.
وبحسب وسائل إعلام محلية وناشطين، فقد سجل خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز استدعاء أكثر من 15 صحفيا وناشطا ومدافعا عن حقوق الإنسان إلى مراكز أمنية للتحقيق معهم بسبب آرائهم أو تناولهم مسؤولين ومرجعيات سياسية، مع إلزام بعضهم بالتوقيع على تعهدات بعدم قيامهم بما يوصف بأنه مخالف للقانون أو المس بمسؤولين رسميين.
وتخوفت مراجع قانونية وحقوقية في لبنان ومنظمات دولية مما وصفته بـ”تضييق مساحة التعبير” في البلاد و”قمع الحريات”، فمنظمة هيومن رايتس ووتش قالت في تقريرها لعام 2018 إن القيود على حرية التعبير في لبنان اشتدت في ظل مماطلة بالإصلاحات الحقوقية.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها عن حقوق الإنسان 2017-2018 إن مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية يستجوب النشطاء السلميين ويقبض عليهم ويحتجزهم قبل المحاكمة بسبب نشر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي. وحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” خلال عام 2018، فإن لبنان احتل المرتبة المئة من أصل 180 بلدا. ويقول المسؤول الإعلامي في مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية في بيروت جاد شحرور إن استهداف الحريات في لبنان تزداد وتيرته منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية في أكتوبر/تشرين الأول 2016. ويضيف شحرور للجزيرة نت أن “الاتهام هنا ليس سياسيا بل استنادا إلى الأرقام وارتفاع نسب استدعاء الناشطين والصحفيين”، موضحا أن 60% من المستدعين إلى التحقيق هم بسبب شكاوى من فريق عون. ويتابع شحرور أن أكثر من 35 انتهاكا للحريات الإعلامية والثقافية حدثت في لبنان خلال فترة زمنية قصيرة، و”فقط في عشرة أيام استدعي أكثر من خمسة ناشطين للتحقيق”، محذرا من سياسة تكميم الأفواه وقمع الحريات في البلاد.
حرية الرأي مصونة
من جانبه، يرى الباحث السياسي ميشال أبو نجم أن لا خطر فعليا على الحريات العامة في لبنان، ويقول للجزيرة نت إنه “يجب التمييز بين الحرية التي تعتبر مقدسة عند الرئيس عون، وما تسمى حرية الشتائم والإهانات”. ويلاحظ أبو نجم أن توجيه الإهانات والشتائم بحق رموز سياسية في لبنان ارتفع في الآونة الأخيرة، وهي لا تندرج ضمن حرية التعبير، مؤكدا أن التيار الوطني الحر “عانى كثيرا من القمع والاضطهاد، وبالتالي فهو من أحرص القوى السياسية على حماية الحريات العامة”. وأشار إلى أن عددا كبير من الناشطين بدؤوا يطالبون بالتمييز بين حرية التعبير المصونة وما يمكن وصفه بالاعتداء على حرية الآخرين من خلال توجيه الإهانات لهم.
واحتجاجا على “قمع الحريات وتراجع حرية التعبير” تداعى ناشطون إلى الاعتصام في وسط العاصمة بيروت مساء الثلاثاء الماضي مطالبين “بكف التعقبات بحق الناشطين الذين يعبرون عن آرائهم السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي”. كما طالبوا بوقف ما اعتبروها “الهجمة الأمنية واستدعاء الناشطين إلى التحقيق”.
ويقول الأستاذ الجامعي والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي باسل صالح إن السلطة في لبنان في حالة فشل دائم، ولتبرير فشلها تعمد إلى إسكات منتقديها. ويضيف صالح للجزيرة نت أن النظام السياسي يكشف عن وجهه الأمني والبوليسي. وأشار إلى أن لبنان يعاني اليوم من “الحرية الوهمية”، مؤكدا أن إلزام الناشطين بالتوقيع على تعهدات بعدم المس بمسؤولين أو انتقادهم هو مسألة غير قانونية وأمر مخالف للدستور الذي كفل حرية التعبير والرأي.
الجزيرة نت
28\7\2018 |
POST A COMMENT.