مبادرة للإنقاذ ودعوات للوحدة بعد استقالة الحريري

عفيف دياب ||
لم يخرج لبنان بعد من زلزال استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من العاصمة السعودية الرياض يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

الاستقالة التي وصفها البعض في لبنان بـ”المقتلة” السياسية التي ارتكبت بحق الحريري وفريقه السياسي، أحدثت في جانب منها تعاطفا سياسيا وشعبيا قل نظيره مع رئيس الحكومة المستقيل، عبّر عنه رئيس البرلمان نبيه بري حين قال أمام زواره “إن الحريري مظلوم وأنا مع المظلوم”.

ورفعت استقالة الحريري -“الملتبسة” في زمانها ومكانها- من مستوى الخطاب السياسي اللبناني، الذي ركز على الوحدة الوطنية ووحدة الصف وتجنيب البلاد القلاقل، وتحولت دار الفتوى -مقر إقامة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيروت- إلى محج للقوى والأحزاب والشخصيات السياسية اللبنانية على مختلف عقائدها وتوجهاتها وانتماءاتها الطائفية.

وتناغمت دار الفتوى مع رئيس الجمهورية ميشال عون في إدارة أزمة استقالة الحريري ومصير عودته إلى البلاد، تمهيدا لتقديمها بشكل دستوري ورسمي إلى الرئيس عون.

تحركات سياسية
وبانتظار عودة الحريري إلى البلاد لرسم مسار ومصير السلطة التنفيذية في لبنان، تحركت شخصيات سياسية وقوى حزبية مطلقة مبادرات، أبرزها مبادرة للخروج من الأزمة وضعها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في عهدة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

وقد فضل ميقاتي عدم الإعلان عن بنود مبادرته وتفاصيلها، ولكن أبرز ما تسرب منها هو عقد اجتماع للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى بكل أعضائه، بمن فيهم رؤساء الحكومة السابقون والنواب والوزراء الحاليون والسابقون ومفتو المناطق، لوضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة والخروج بموقف موحد للطائفة السنية في لبنان، ولتجديد الالتزام بوثيقة الثوابت الوطنية لدار الفتوى.

وقال ميقاتي بعد اجتماعه بالمفتي إن مبادرته لا تتضمن أن يكون مرشحا لرئاسة الحكومة في الوقت الراهن، داعيا إلى الاتفاق على الشخصية السنية المناسبة تحت سقف دار الفتوى.

وفي هذا السياق، قال أيضا رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد -بعد اجتماعه بمفتي الجمهورية- إنه يدعم مواقف المفتي الساعية لتهدئة الأمور في هذه الظروف الصعبة، مؤكدا أن جميع القيادات السنية متفقة على وحدة الموقف والتريث لمعالجة ما يجري.

 مبادرة إنقاذيه؟

وتنص مبادرة ميقاتي في جوهرها على ضرورة تشكيل حكومة جديدة، لا تكون حكومة مواجهة أو تحد أو من لون واحد، وأن تكون مهمتها الإشراف على الانتخابات البرلمانية في مايو/أيار المقبل، وأن تكون أيضا حكومة من غير المرشحين، بحسب ما قال للجزيرة نت الدكتور خلدون الشريف المستشار السياسي لميقاتي، مؤكدا أن المبادرة قائمة وهي تحفظ لبنان وتحمي سلمه الأهلي من أية مواجهات وتوترات أمنية.

ويرى الشريف أن جميع القوى في لبنان تتريث الآن في الأخذ بالمبادرة، و”لكن (المبادرة) تبقى هي أفضل مقترح اليوم للبلاد في ظل هذه الأزمة المستجدة، والجميع سوف يعود إليها”.

وكانت مبادرة الرئيس ميقاتي قد تعرضت لانتقاد من بعض القوى المناوئة له، من حيث الإسراع في تقديمها بعد إعلان الحريري استقالته من السعودية، ولكن مصادر تقول إن المبادرة قائمة وموجودة ولا حل إلا من خلالها و”هي اليوم في عهدة مفتي الجمهورية الذي يلعب دورا وطنيا كبيرا، وسيطرحها المفتي في التوقيت المناسب”.

وترى هذه المصادر أن استقالة الحريري “جدية وهو أعلن تموضعه الجديد، وبالتالي لا يمكن له أن يعود لرئاسة حكومة مواجهة”.

وتؤكد هذه المصادر للجزيرة نت أن لبنان لا يمكن له أن يبقى دون حكومة، وحذرت من “إطالة الأزمة وتغيب مكون أساسي في البلاد عن إدارة السلطة ومؤسسات الدولة، فغياب المكون السني سيؤدي إلى فراغ دونه مخاطر”.

الجزيرة نت

9\11\2017

Facebook Comments

POST A COMMENT.