استقالة الحريري.. هل استوعب لبنان الصدمة الأولى؟

عفيف دياب ||

دخل لبنان في عنق الزجاجة بالاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري من العاصمة السعودية الرياض، فقد أحدثت الاستقالة غير المسبوقة في تاريخ لبنان منذ استقلاله سنة 1943 إرباكا قل نظيره في الحياة السياسية اللبنانية، وأدخلت القوى السياسية والطائفية في أتون التساؤلات عن مسار ومصير البلاد بعد هذه الاستقالة اللافتة من حيث مكانها وزمانها.

خلط للأوراق
وصدمة لبنان، سياسيا وشعبيا، من استقالة الحريري المفاجئة، وما أعقبها من تحليلات وإشاعات عن قرار إقليمي ودولي بإدخال لبنان في حرب طائفية أو حرب إسرائيلية متوقعة ضد حزب الله وتصفية حسابات ميدانية بين السعودية وإيران أحدثت قلقا وتخوفا شعبيين سرعان ما بدده التحرك السريع للقوى السياسية بعد استيعاب صدمة الاستقالة، وتولي رئيس الجمهورية ميشال عون إدارة الأزمة من خلال تكثيفه للقاءات والاجتماعات والاتصالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويقول المحلل السياسي ميشال أبو نجم إن إدارة عون للأزمة المستجدة وتوليه مباشرة الاتصالات المحلية والعربية والدولية أسهمت في الحد من “زلزال استقالة الحريري على المستويين السياسي والشعبي”، ويضيف للجزيرة نت أن كل القوى اللبنانية “تعاطت مع الاستقالة بحذر، وسلمت إدارة الأزمة إلى رئيس الجمهورية الذي شكل ضمانة في ظل غياب رئيس الحكومة المستقيل عن البلاد”.

ويعرب أبو نجم عن اعتقاده بأن الحريري سوف يعود إلى البلاد وما “رفض رئيس الجمهورية قبول استقالته قبل عودته إلى بيروت إلا عمل حكيم جنب البلاد خضات سياسية إضافية”.

ويتابع أن الخطاب السياسي اللبناني الهادئ إثر استقالة الحريري من السعودية أكد أن “الجميع في البلد لا يريد إحداث توترات أمنية أو سياسية واقتصادية، فالجميع تعاطى مع الأزمة بحكمة خصوصا الشارع السني الذي تصرفت قياداته بمسؤولية وطنية”.

ويرى أبو نجم أن استقالة الحريري قد تكون لها “تداعيات وإعادة خلط للأوراق واصطفاف سياسي جديد وجزئي”، لكن “لن يصل في ذروته إلى إعادة إحياء جبهتي 8 و14 آذار من جديد كما كانتا في سابق عهدهما”.

ترتيب البيت
والتعاطي السياسي اللبناني الهادئ مع استقالة الحريري هل سيسهم في بلورة طروحات ومبادرات تهدف إلى إعادة ترتيب “بيت السلطة السياسية اللبنانية”، وبالتالي ما مصير سعد الحريري السياسي؟

يقول أحد الوزراء السابقين من المناوئين للحريري -مفضلا عدم ذكر اسمه- إن استقالة الحريري تستوجب الإسراع في إعادة ترميم هيكل السلطة، و”لا يمكن للبلاد أن تستمر بالفراغ الحكومي، ومن هنا على رئيس الجمهورية الإسراع في قبول الاستقالة، وبدء استشارات نيابية وتكليف رئيس جديد للحكومة لتكون مهمتها إجراء الانتخابات النيابية في مايو/أيار 2018″.

 ويتابع هذا الوزير السابق “الاستقالة هدفها، عدا الحسابات السعودية الداخلية، إحداث شلل سياسي ومؤسساتي في الدولة اللبنانية تحت عنوان مواجهة حزب الله وإيران، وهذا ما لا يمكن للبلاد تحمله”.

ويضيف أن الحريري “أضعف نفسه، أو تعمدت السعودية إضعافه، من خلال شكل ومضمون إعلان استقالته، وبالتالي فإن عودته للسلطة كرجل مواجهة بدل رجل حوار دونه عقبات”.

حكومة حيادية؟
واستقالة الحريري ودخول البلاد في فراغ داخل السلطة التنفيذية أعاد الأمور إلى مربعها الأول، كما يقول المحلل السياسي خلدون الشريف للجزيرة نت.

ويضيف أن على اللبنانيين أن يسعوا للتخفيف من التأثيرات السلبية للاستقالة وأن نتجنب الصراع والاصطفاف من جديد.

ويدعو الشريف الطبقة السياسية اللبنانية إلى التلاقي لـ”حماية البلد في الميل الأخير من المواجهات الإقليمية”. ويرى أن الحل في عودة الحريري أولا إلى لبنان و”السعي إلى تأليف حكومة حيادية غير سياسية تستطيع أن تحمي البلد وسلمه الأهلي في المرحلة المقبلة”.

الجزيرة نت

7\11\2017

جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة

Facebook Comments

POST A COMMENT.