عفيف دياب ||
تعبر الشارع الجميل كل يوم من منزلك المؤقت في ضاحية وسط بيروت التجاري إلى الحمرا. يفرحك هدوء الشارع وأهله. كلما عبرت هناك أحلم ببيت صغير في طبقة من بناية صغيرة عتيقة أو معتقة برائحة بيروت الجميلة رغم صخبها وفوضى شوارعها وبقايا ارصفتها.
ابحث خلال عبوري الشارع يومياً كفرض صلاة عيسية أو محمدية لا فرق؛ عن إعلان ينادي على بيت صغير للإيجار أو حتى للبيع.. مرت سنة ولم أعثر على ما يدغدغ فضول حلمي.
أمس، حان موعد العبور في الشارع الجميل.. ومن دون سابق إنذار يلّوح لك من على جذع شجرة إعلان صارخاً إقرأ :”بيت للبيع في الطابق الخامس”. تسارع إلى طلب رقم الهاتف. آلو.. ويأتيك صوت امرأة صداه يأخذك فوراً إلى وجه حبيبتك وحلم البيت الصغير في بيروت وارتشاف القهوة على شرفته وعلى شرف الحلم. تسمع من الصوت الجميل أرقام الأمتار والدولارات: 100 متر و350 الف دولار. تطلب إعادة تلاوة الأرقام .. يكرر الصوت الهاديء التلاوة من علٍ وانت تحتسب كيف ستبيع ما اورثه جدك الأرجنتيني الاغتراب لوالدك اللبناني، وما اورثه لك الأب من بقايا حقول يبس نصف زرعها من الجفاف والإهمال والأحلام الوردية بوطن حر وشعب سعيد. تنهي المكالمة بوعد الاتصال مجدداً. تقفل عائداً إلى منزلك المؤقت. تصنع قهوتك وترتشفها على مهل مردداً مع ابن عربي: بعض الحب لا ينمو إلا في بلاد بعينها ولا يعيش في بلاد أخرى!.
22 أيلول 2017
Facebook Comments
POST A COMMENT.