مراكز الدراسات والابحاث ونكبة فلسطين

عفيف دياب ||

شغلت فلسطين واحتلالها وطرد شعبها مراكز الأبحاث العربية التي واكبت هذه القضية منذ أكثر من نصف قرن، وتنوعت الدراسات الكثيرة بشأنها، لكنها -حسب قول أكثر من باحث- بقيت قاصرة عن مواجهة أبحاث ودراسات تلقى دعما من إسرائيل وحركات صهيونية أو متصهينة في العالم الغربي. ولا ينكر هؤلاء أن أبحاث مراكز الدراسات العربية كانت في حقبة سبعينيات القرن الماضي أكثر تأثيرا مما هي عليه اليوم، ويكشف أحد الباحثين اللبنانيين أن نسب توزيع الدراسات المتعلقة بفلسطين بقيت محدودة بالنخب أو الباحثين المهتمين.

وقد لعبت العاصمة اللبنانية موقعا متقدما في تنظيم وتوفير دراسات خاصة بفلسطين، سواء عبر دور نشرها أو صحفها أو احتضان مراكز دراسات متعددة ومتنوعة، ولكن ماذا أصدرت هذه المؤسسات خلال السنوات الخمس الماضية من دراسات عن نكبة فلسطين؟

وتشير مصادر مؤسسة الدراسات الفلسطينية إلى أنها أصدرت عدة أبحاث عن فلسطين ونكبتها، أبرزها دراسة صدرت في كتاب عن “النكبة الفلسطينية في الحيز العام الإسرائيلي.. الإنكار وذرائع المسؤولية” لمؤلفيْه مدير المركز العربي لحريات الإعلام والتنمية والبحوث في الناصرة أمل جمّال، والإعلامية سماح بصول.

ويركز هذا البحث الواقع في 163 صفحة على المدارك الخاصة بالنكبة الفلسطينية في الوعي الجماعي الإسرائيلي كما تتكشف في الخطاب الإعلامي، وعلى مدى كون النكبة وذاكرتها عنصرين مهمين في بلورة الأنماط السلوكية لدى الجمهور الإسرائيلي.

ويتضح من نتائج البحث أن المعتقد الأبرز في الخطاب العام الإسرائيلي تجاه النكبة يكمن في الربط بين ثلاثة ادعاءات تراكمية، هي: إنكار مجرد وقوعها، والنظر إليها كبدعة مهددة هدفها نزع الشرعية عن إسرائيل، والتنكر للمسؤولية عنها. ومن إصدارات مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب للمؤرخ الفلسطيني عادل مناع “نكبة وبقاء.. حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل”.

ويقول المعنيون في المؤسسة إن دراسة مناع تنفض الغبار عن حقبة تأسيسية في تاريخ الفلسطينيين الذين بقوا في حيفا والجليل بعد النكبة (1948-1956)، وتسمح بسرد حكايات إنسانية وشخصية للمهمشين مغايرة للروايات التاريخية النخبوية.

كما أعادت المؤسسة في العام 2013 إصدار كتاب “النكبة.. نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود 1947-1949” (ثلاثة أجزاء) لمؤلفه عارف العارف (إعداد وتقديم المؤرخ وليد الخالدي) الذي كان قد أصدره قبل خمسة عقود.

وتقول المؤسسة إن هذا الكتاب لا يزال على الرغم من مرور أكثر من خمسة عقود على تأليفه من أهم المراجع العربية الموثوق بها، وأهم مرجع فلسطيني عن نكبة 1948، وذلك لمعاصرة مؤلفه النكبة ووجوده وسطها وتدوينه اليومي لمجرياتها وتسجيله الدقيق لكم لا شبيه له من الروايات عن أحداثها نقلها عن مسؤولين عرب وفلسطينيين ومناضلين ومواطنين عاديين حرص على مقابلتهم لاستجلاء الحقيقة منهم.

العربي للأبحاث
أما المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فيواكب قضية فلسطين ونكبتها منذ أن تأسس في العام 2011، ويقول مدير شؤون التحرير في المركز الدكتور أحمد مفلح إن المركز بصدد تنظيم مؤتمر في الذكرى السبعين للنكبة العام المقبل.

وأعاد المركز في العام 2014 إصدار كتاب “محنة فلسطين وأسرارها السياسية والعسكرية” لمؤلفه الفريق الأول الركن صائب صالح الجبوري رئيس أركان الجيش العراقي خلال حرب فلسطين، حيث ركز المؤلف على نكبة فلسطين من خلال شهادته الشخصية.

وأصدر المركز أيضا “تطور الخطاب السياسي في تونس تجاه القضية الفلسطينية (1920-1955)”، حيث عالج جوانب من التفكير السياسي التونسي في شأن قضية فلسطين، وهو إهداء من المؤلف عبد اللطيف الحناشي إلى جميع التونسيين الذين ناضلوا في صفوف المقاومة الفلسطينية بمواقع مختلفة.

ومن ترجمات المركز المتعلقة بفلسطين كتاب الكاتب والصحفي الفرنسي ألان غريش “علام يطلق اسم فلسطين؟” ترجمة داليا سعودي.

وأصدر المركز العربي لمجموعة مؤلفين نخبة من الدراسات والبحوث التي عرضت في المؤتمر السنوي له في الدوحة عام 2013 وهي عن قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، وأتبعها بجزء ثان تحت ذات العنوان وتناولت السياسات الصهيونية في فلسطين.

الزيتونة
من جهته، يواكب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت اليوميات الفلسطينية، إلى جانب اهتمامه الواسع بقضية فلسطين.

وأصدر المركز في العام 2009 تقرير معلوماته العاشر عن طرد الفلسطينيين في الفكر والممارسات الإسرائيلية، وسلط الضوء على مسألة طردهم منذ عهد مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل، ثم عرض عملية طردهم إبان قيام إسرائيل سنة 1948، وبعد حرب حزيران 1967.

وأصدر المركز في العام 2012 باللغتين العربية والإنجليزية “القضية الفلسطينية.. خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة”. ويستعرض الكتاب تاريخ فلسطين في عصورها الأولى مرورا بالعهد الإسلامي، وخلفيات نشوء المشروع الصهيوني، ومرحلة الاحتلال البريطاني لفلسطين، وقيام الكيان الإسرائيلي.

ويدرس أيضا ظهور القضية الفلسطينية وتطورها، مسلطا الضوء على كفاح الشعب الفلسطيني وانتفاضاته وثوراته، ودور منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، ودور التيار الإسلامي الفلسطيني.

الجزيرة نت

9\5\2017

Facebook Comments

POST A COMMENT.