عفيف دياب ||
يحتدم النقاش في لبنان حول القانون الجديد للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها قبل نهاية ولاية المجلس الحالي في يونيو/حزيران 2017.
وعلى الرغم من أن المدة الزمنية الفاصلة عن موعد إجراء هذه الانتخابات قصيرة نسبيا، فإن القوى السياسية الممثلة في الحكومة والبرلمان أخفقت حتى الآن في التوصل إلى تفاهم على صيغة قانون انتخابي جديد يسمح بإجراء هذه الانتخابات في موعدها، ويرضي في نفس الوقت طموحاتها السياسية.
وقد تصاعد الخلاف بين القوى والأحزاب السياسية والطائفية التي تعددت اقتراحاتها لتقسيم الدوائر واعتماد آلية للانتخاب، وهو ما حدا برئيس الجمهورية ميشال عون إلى التهديد باستخدام صلاحياته الدستورية، معلنا تفضيله الفراغ في البرلمان على إجراء الانتخابات وفق قانون “الستين” الذي صدر عام 1960 وجرت على أساسه انتخابات عام 2009.
هذا التهديد الرئاسي أسهم في احتدام النقاش حول قانون الانتخاب، خصوصا بعد تقديم وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر (تيار الرئيس) جبران باسيل اقتراحه قانونا انتخابيا يجمع بين نظامي النسبي والأكثري وفق حسابات تتوافق مع تطلعات التيار، ورأى فيها البعض محاولة “إلغاء” لهم وتهدف إلى المس باتفاق الطائف والعودة بالبلاد إلى ما قبل العام 1975.
هواجس وقلق
وقد عبر الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلته البرلمانية بزعامة وليد جنبلاط بصوت عال عن هذه الهواجس، منتقدا بشدة ما يتم تداوله من تقسيم للدوائر ونظم الاقتراع التي لا تتناسب مع الواقع اللبناني الحالي.
كما أبدت أوساط مقربة من رئيس البرلمان نبيه بري امتعاضها من تحبيذ رئيس الجمهورية الفراغ في البرلمان ما لم يكن “قانون الانتخاب وفق رغبة الرئيس وتياره”، إضافة إلى تعبير حزب الكتائب وشخصيات سياسية مستقلة عن مواقفها الرافضة لأي صيغة انتخابية لا تأخذ بعين الاعتبار الإجماع الوطني.
ويقول أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر إن اتفاق الطائف حدد آلية الإصلاح في لبنان ومنها قانون الانتخاب، “وهو ملزم لكل اللبنانيين”.
ويضيف للجزيرة نت “أما القول بأن الإصلاح يبدأ بقانون انتخابي وفق النظام النسبي في ظل نظام طائفي ومذهبي، فهذا ليس إصلاحا بل استهدافا له”، مؤكدا “لسنا ضد قانون انتخابي جديد شرط أن يكون عادلا للجميع”.
ويتابع ناصر “أما إذا كان البعض يريد تعديل اتفاق الطائف فليقل ذلك بصراحة للبنانيين”، مستدركا أن “الدستور ملزم للجميع وعلينا الالتزام به”.
التوافق أو الفراغ
والتوجس من إنتاج قانون انتخابي دون توافق وطني أو “الفراغ”، أحدث إرباكا سياسيا ينذر بمزيد من الانقسام اللبناني ما لم ينل إعداد القانون الجديد توافقا وطنيا.
ويقول المحلل السياسي إبراهيم بيرم إن كل الأطراف لم تقدر بعد على التوصل إلى صيغة لقانون الانتخاب.
ويضيف بيرم للجزيرة نت أن هناك طرحا لصيغة قانون مختلط يجمع بين الأكثري والنسبي، وقد سقطت هذه الصيغة نتيجة الاعتراض عليها.
ويرى أن لبنان اليوم أمام خيارين لانتخابات البرلمان المقبل “إما قانون نسبي شامل أو على أساس أكثري”.
ويستبعد بيرم التوافق على القانون الانتخابي وفق النسبية، معربا عن اعتقاده بأن البلاد تتجه نحو قانون انتخابي يكون من وحي قانون الستين مع تعديلات طفيفة في تقسيم الدوائر.
وحول تفضيل الرئيس عون الفراغ على العودة إلى قانون الستين، يقول بيرم إن “هذا التهديد أعاد خلط الأوراق، ولكن لا أعتقد أن الرئيس قادر على تحمل الفراغ، وليس بمقدوره أيضا أن يتحمل عدم إجراء انتخابات أو فرض قانون أمر واقع”. |
POST A COMMENT.