“السفير” اللبنانية تتوقف عن الصدور بعد أربعة عقود

عفيف دياب  || الجزيرة نت
توقفت صحيفة السفير اللبنانية عن الصدور بعد أكثر من 42 عاما، وبرر طلال سلمان ناشر الصحيفة ورئيس تحريرها للزملاء والجسم الصحفي اللبناني عامة سبب الإقفال بالأزمة المالية التي تعصف بصحيفته وتراجع مداخليها من المبيع والإعلانات والاشتراكات.
وقال سلمان في رسالة وجهها إلى الزملاء داخل الصحيفة ولقرائها إن “الرحلة كان لا بد لها أن تنتهي”، وأضاف أن “الأزمة الخطيرة التي تتهدد الصحافة في العالم أجمع وفي الوطن العربي عموما تعصف بالصحف المحلية (…)، وهي أزمة تمتد من أرقام التوزيع إلى الدخل الإعلاني (وهو الأساس) إلى إقفال الأسواق العربية عموما في وجه الصحافة اللبنانية”.
وتابع “لقد اجتهدنا ما وسعنا الاجتهاد، وبذلنا من عرق التعب، وأحيانا من الدم، فضلا عن مطاردتنا بالتفجيرات، وصمدنا للاجتياح الإسرائيلي وللإقفال الظالم بالقهر أو باستغلال القضاء لأغراض لا تتصل بدوره”.
وكان صاحب “السفير” قد قرر التوقف عن إصدارها قبل عدة أشهر، لكنه تراجع عن قراره بعد تلقيه دعما ماليا من متبرعين كان كفيلا بإبقاء الصحيفة على قيد الحياة حتى نهاية العام 2016.
أزمة
ويقول صحفي كان قد انصرف قبل أشهر من “السفير” إن الجريدة وضعت أمام خيارين كلاهما مر، فإما أن تستمر بالصدور مع تقليص الرواتب وعدم انتظام دفعها وإلغاء الضمانات والتقديمات الاجتماعية، أو الإقفال النهائي مع دفع كافة مستحقات الزملاء ووضع حد لتراكم الديون المالية على الصحيفة.
وأضاف للجزيرة نت -مفضلا عدم ذكر اسمه- أنه فضلا عن الأزمة المالية فإن سوء الإدارة التجارية، والسياسة التحريرية أديا إلى خفوت نجم الجريدة وتراجع مبيعاتها وحصتها الإعلانية من السوق.
واعتبر أن “السفير” -التي حملت منذ عددها الأول شعار “صوت الذين لا صوت لهم”- شهدت تحولات كبيرة في سياستها التحريرية من ناطقة باسم التيار الناصري واليسار اللبناني والعربي والثورة الفلسطينية وحركات التحرر في العالم إلى داعمة لثورة الخميني، ولاحقا مشروع حزب الله في لبنان، وصولا إلى دعمها النظام السوري رغم ما وجهته له من انتقادات وكشف لعيوبه السياسية والإصلاحية في بدايات الثورة السورية العام 20111، وفق تعبير المتحدث ذاته.
ويضيف الصحفي أن “السفير” بغيابها عن المشهد الاعلامي اللبناني والعربي “ستترك فراغا كبيرا، ولا سيما أنها كانت مؤثرة سياسيا وثقافيا طوال أربعة عقود”.
المال السياسي
وصحيفة السفير التي واجهت شتى أنواع الحروب العسكرية والأمنية والسياسية ومحاولة اغتيال ناشرها طلال سلمان سنة 1984 وتفجير مطابعها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية نجح “حصار المال” -كما يقول صحفيون في بيروت- في حجبها وتغييبها عن المشهد الإعلامي اللبناني والعربي.
وتقول المديرة التنفيذية لمؤسسة مهارات لحرية الصحافة في لبنان رولا مخايل إن أبرز ما تواجهه الصحف اللبنانية اليوم هو المال السياسي والتغيرات في دول المنطقة التي كانت مصدرا أساسيا لتمويل الجرائد.
وتضيف للجزيرة نت أن المشهد الإعلامي اللبناني مظلم وقاتم، وأن المؤسسات الإعلامية لم تجتهد في تنويع مصادر دخلها بدل الاعتماد على المال السياسي الذي تسبب بتعثرها، وفق تعبير رولا مخايل.
وترى رولا مخايل أن احتجاب “السفير” التي تعتبر من أعرق الصحف اللبنانية عن الصدور سيؤدي حكما إلى إحداث خلل في التنوع الإعلامي الذي تميز به لبنان طوال عقود.
من جهته، يقول الكاتب الصحفي في “السفير” ربيع بركات إن تاريخ الصحيفة عريق سياسيا، وإن طي الجريدة اليوم هو طي لصفحة مهمة من تاريخ لبنان والمنطقة العربية.
31/12/2016

Facebook Comments

POST A COMMENT.