عفيف دياب ||
أطلقت جمعية “محاربون من أجل السلام” في لبنان مبادرة تهدف للمساعدة في كشف مصير المفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، والذين يقدر عددهم بنحو 17 ألف مفقود وفق إحصاءات أهلية غير رسمية.
وقد أعلن عن هذه المبادرة من خيمة أهالي المفقودين في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، ووصفها متابعون لملف المفقودين بأنها “خطوة جريئة” أقدم عليها محاربون قدامى كانوا بشكل أو بآخر مشاركين في الحرب الأهلية، معتبرين أن المقاتلين السابقين يؤكدون من خلال مبادرتهم أن الحرب الأهلية كانت “حربا عبثية” لم تسهم إلا في تدمير البلد.
ويقول مطلقو المبادرة إن الكشف عن مصير المفقودين “ليس عملا فرديا” بل يجب أن يكون من “ضمن خطة وطنية شاملة، لها مساراتها القانونية والاجتماعية والأخلاقية”.
ويرى رئيس جمعية “محاربون من أجل السلام” زياد صعب -في حديث للجزيرة نت– أن جمعيتهم “تأمل النجاح للمبادرة والبدء الفعلي للبحث عن مصير المفقودين”، مؤكدا أن خطوتهم “جاءت بالتنسيق مع لجنة أهالي المفقودين”. كما كشف أن عملهم “قد بدأ، وما سيتلقونه من معلومات سيبقى في مكان آمن”، من دون أن يخفي أن عملهم سيكون شاقا وطويلا.
ويعتبر أعضاء الجمعية أن سلاحهم الوحيد اليوم هو “الحوار”، ويقرون أن الحرب الأهلية التي داهمتهم في مطلع شبابهم قد انزلقوا في أتونها، لكنهم يعملون منذ فترة على تأسيس بنية ثقافة وطنية جامعة تدحض ثقافة الحرب والقتل والإلغاء. ومن هنا وجدوا لزاما على جمعيتهم إطلاق مبادرة “قد تساعد على حل جزء ولو صغير من ملف مفقودي الحرب الأهلية”، بحسب صعب.
معلومات سرية
ويرى “محاربون من أجل السلام” في مبادرتهم الجديدة أن القضية الأهم من الحرب الأهلية هي “قضية 17300 إنسان لا تزال عائلاتهم تنتظر أي خبر عنهم، مما يشكل جرحا مفتوحا لن يشفى إلا بمعرفة حقيقة أمرهم واسترجاعهم مهما كان مصيرهم”.
ويقول المقاتل السابق أسعد الشفتري -وهو عضو مؤسس في الجمعية- إن خطتهم تتوجه للمحاربين وشهود العيان “لإعلان ما لديهم من معلومات”، مؤكدا أن الأمر لا يشكل خطرا على السلم الأهلي”.
وأضاف الشفتري خلال مؤتمر الإعلان عن مبادرتهم، أن المعلومات التي ستتوافر عن مفقودين خلال الحرب الأهلية “ستبقى سرية”، آملا ممن يملك معلومات عن مفقودين “الكشف عنها”.
قضية وطنية
والمحاربون القدامى المنتمون إلى جمعية “محاربون من أجل السلام” كانوا جزءا من الحرب الأهلية وغير مسؤولين عنها، كما يقول زياد صعب. وقد بدؤوا البحث الجدي عن وثائق ووسائل تمكنهم من المساعدة على حل ملف مفقودي الحرب أو جانب منه “من دون إثارة أو خلق قلاقل سياسية أو غير سياسية”، كما يوضح صعب للجزيرة نت.
ويضيف أن قضية المفقودين خلال الحرب الأهلية “لم تعد قضية عائلية، وإنما هي قضية إنسانية ووطنية”، داعيا الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها و”تشكيل هيئة وطنية لمعالجة جذرية لملف المفقودين”.
ويوضح أن تشكيل هكذا هيئة قد يشكل ضمانة آمنة لمن يود الكشف عن معلومات عن مفقودي الحرب أو المقابر الجماعية بشكل سري، “مما يجنبنا إثارة الغرائز أو الحساسيات السياسية والطائفية اللبنانية”.
لجنة أهالي المفقودين التي تقدمت في عام 2013 باقتراح قانون لمجلس النواب اللبناني لإنشاء هيئة وطنية مستقلة مهمتها وضع آلية لكشف مصير جميع المفقودين، رحبت بمبادرة جمعية “محاربون من أجل السلام”.
ودعت الجمعية إلى المباشرة بتشكيل “بنك” لجمع المعلومات التي يمتلكها أعضاء الجمعية وتلك التي يمتلكها آخرون من خارجها. وأملت اللجنة -في بيان لها- أن تلاقي مبادرة الجمعية “الصدى الإيجابي والتجاوب الفوري من كافة الأطراف” التي كانت مشاركة في الحرب الأهلية.
الجزيرة نت
8\10\2016
POST A COMMENT.