عفيف دياب || الجزيرة نت
تحول تلوث نهر الليطاني، أكبر الأنهار اللبنانية، إلى قلق وطني عارم في البلاد، فنسب التلوث في النهر وحوضه الجوفي وبحيرة القرعون الاصطناعية تجاوزت الخطوط الحمر.
وتحوّل الملف برمته إلى مجلس الوزراء لإيجاد حلول سريعة للحد من التلوث المتفاقم منذ عقود نتيجة عوامل متعددة، أبرزها الإهمال الرسمي وفوضى النمو الصناعي واستخدام المبيدات الزراعية وتحويل مجرى النهر إلى مصب للمياه الآسنة.
وقالت الحكومة اللبنانية إن رفع التلوث عن النهر وبحيرته يحتاج إلى نحو 750 مليون دولار، وإن المتوفر فقط هو 50 مليون دولار.
ويعد نهر الليطاني من أكبر الأنهار اللبنانية ويمتد على طول 170 كلم من منبعه في شمال سهل البقاع (شرق) إلى مصبه في البحر المتوسط (غرب)، لكنه لم يعد ذلك النهر الذي يفتخر ويعتز به اللبنانيون لمياهه العذبة وغزارتها، فقد تحول النهر من منبعه وحتى مصبه مرورا ببحيرة التخزين (القرعون) إلى نهر ناقل للأمراض والملوثات ومهدد للتنوع البيولوجي في حوضه الكبير.
ويقول الباحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية كمال سليم إن على الحكومة اللبنانية أن تحدّ من تفاقم أزمة الليطاني وحماية السكان على ضفتيه من الأمراض.
ويوضح الباحث، الذي أمضى 15 عاما وهو يجمع عينات من مياه الليطاني وبحيرته، أن الدراسات التي أجراها أظهرت نموا مطردا للطحالب السامة تدعى سيانوبكتيريا، وخصوصا في بحيرة القرعون.
ويضيف للجزيرة نت “لاحظنا زيادة ونموا بشكل غير مألوف لهذه الطحالب التي تقضي على التنوع البيولوجي”، مشيرا إلى أن وضع بحيرة القرعون قبل عام 2005 كان جيدا، مشبها حالها بحال “مريض يجب معالجته”، وأن المعالجة تبدأ من مصدر التلوث، وهو نهر الليطاني الذي تتلوث مياهه “جرثوميا وكيميائيا وصناعيا”.
وقد بينت فحوص مخبرية أظهرها سليم للجزيرة نت وجود بكتيريا سامة في البحيرة على وجه الخصوص قضت على كل مظاهر الحياة فيها تحت مترين عن سطح الماء.
أسباب وحلول
ومصادر تلوث نهر الليطاني وبحيرته متعددة، كما يشرح للجزيرة نت الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة، بدءا من النفايات الصلبة والصرف الصحي ونفايات المصانع التحويلية والثقيلة (تشكل 50% من نسبة التلوث) ونفايات المستشفيات ومزارع تربية الدواجن والأبقار والاستعمال المفرط والعشوائي للمبيدات الزراعية.
ويوضح حمزة أن هنالك ثلاثمئة ألف نسمة يعيشون في 45 قرية على ضفاف النهر و640 مصنعا من بينها 330 منشأة للصناعات الثقيلة والملوثة بنسب عالية.
ويتفق الخبيران كمال سليم ومعين حمزة على أن حل أزمة تلوث حوض نهر الليطاني ومجراه وبحيرة القرعون يتطلب خطة رسمية واضحة المعالم.
ويشيران إلى ضرورة البدء بموقف جريء من الحكومة لاختيار مؤسسة واحدة لإدارة حوض النهر من كل جوانبه بدل تنوع وتعدد الجهات الرسمية المعنية به، وإيجاد مشروع سريع للمطامر الصحية ومعامل الفرز للنفايات الصلبة، وبناء وتشغيل محطات تكرير المياه الآسنة وشبكات خاصة لتكرير مياه المصانع.
ويقول الخبير حمزة إن هناك سبع محطات فقط لمعالجة الصرف الصحي تعمل بشكل جزئي ولا تتوفر لها الطاقة الكهربائية بشكل دائم، موضحا أن هنالك دراسات مشاريع لبناء أربع محطات تكرير كبرى للمدن الواقعة في حوض النهر وهي تخدم أكثر من ستمئة ألف نسمة.
ويقول الخبير سليم إن الحل السريع يتطلب إنشاء عشر محطات تكرير للصرف الصحي لتأمين حماية نهر الليطاني والحد من نسب تلوثه والبدء بإعادته إلى وضعه الطبيعي.
16 \9\2016
|
|
POST A COMMENT.