العاملات الأجنبيات بلبنان.. معاناة تبحث عن الإنصاف

قبل تسع سنوات تقريبا قدمت البنغلاديشية “جوهرنا” الى بيروت للعمل في مجال الخدمة المنزلية لدى عائلة لبنانية لعلها تسهم في تحسين وضع أسرتها، لكن المرأة الثلاثينية لم تكن تعلم أن رحلة معاناتها قد انطلقت.

ما يقارب الـ15 ساعة من العمل يوميا لدى منزل مخدوميها من دون استراحة في معظم الأحيان، منع من الخروج إلا نادرا برفقة ربة المنزل، إضافة إلى التعرض للضرب والتوبيخ بشكل متكرر ومصادرة جواز سفرها، جزء من المعاناة التي روتها جوهرنا للجزيرة نت ودفعتها للهرب.

حالة جوهرنا وغيرها من العاملات الأجنبيات دفعت الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني لرفع صوتها عاليا من أجل الضغط باتجاه وقف هذه الانتهاكات.

ويلقى نظام الكفالة انتقادات واسعة لإعطائه رب العمل صلاحيات واسعة تمكنه من التحكم بالعاملة، وأظهر تقرير أصدرته “مؤسسة إنسان” مؤخرا أن 80% من العاملات لا يمكنهن الاحتفاظ بجوازات سفر طوال فترة عملهن، ويحظر عليهن مغادرة المنزل عندما يكون أصحابه خارجه، كما أن 31% من العاملات يتعرضن للاحتجاز القسري.

وقالت مسؤولة الأبحاث والمناصرة في “مؤسسة إنسان” رولا حاماتي إن مثل هذه التصرفات يعاقب عليها القانون بالحبس لسنوات بجرم حجز الحرية، وطالبت القضاء بالتحرك بفعالية لتدارك هذا الوضع.

ودعت حاماتي الأمن العام إلى السماح للعاملات بتجديد إقاماتهن مع الحق باختيار مكان السكن، وطالبت بفرض حد معين لساعات العمل للعاملات المنزليات ومنحهن حق تمضية الإجازة خارج مكان العمل.

من جانبها، ترى رئيسة قسم الاتجار بالنساء في جمعية “كفى” غادة جبور أن الواقع الذي تعيشه العاملات لم يسجل أي تحسن رغم الحملات التي قامت بها الجمعيات الإنسانية منذ سنوات.

وتحدثت جبور عن عدم تمتع نحو 250 ألف عاملة أجنبية بالحماية القانونية الفعلية، وأشارت إلى وجود مشكلة بنيوية تكمن في نظام الكفالة المجحف الذي يعطي صاحب العمل حق تقرير مصير العاملة في لبنان.

ودعت جبور إلى إيجاد إطار قانوني يحمي العاملات ويشملهن بقانون العمل، كما شددت على أهمية تغيير ذهنية المجتمع اللبناني ونظرته للعاملات المنزليات.

وفي وقت ترفض وزارة العمل الاعتراف بتشكيل نقابة لهذه الفئة من العمال برزت بعض الآراء مؤخرا تنتقد ما تسميها المبالغة في الحديث عن انتهاكات.

ولهذا الغرض تشكلت جمعية “حماية خصوصية العائلة والعاملة”، ورأت عضوة الجمعية مايا جعارة أن العلاقة بين العائلات اللبنانية والعاملات الأجنبيات يسودها الاحترام المتبادل والأجواء العائلية، بحسب تعبيرها.

وقالت جعارة إن هناك حملات دولية مغرضة تساندها أصوات داخلية متآمرة معها بغية تشويه سمعة العائلة والمرأة والقوانين اللبنانية، وأشارت إلى استمرار المساعي من قبل الجمعية لمعالجة بعض الانتهاكات وإرشاد ربات المنازل بشأن كيفية تنظيم العلاقة بين الجانبين.

وذكرت أن ثلث العاملات الأجنبيات يقمن بما وصفتها بأعمال شاذة وغير قانونية كالهرب والعمل بشكل غير شرعي.

وبشأن نظام الكفالة رأت جعارة أنه أفضل الممكن حاليا، وأكدت أن الجمعيات المدافعة عن حقوق العاملات لم تتمكن حتى اليوم من تقديم أي بديل لنظام الكفالة المعتمد.

وسيم الزهيري

الجزيرة نت

14\7\2016

Facebook Comments

POST A COMMENT.