جهود لإنقاذ العمارة التراثية اللبنانية

يجول المواطن اللبناني رجا مهنا في أرجاء منزله التراثي القديم ببلدة راشيا جنوب البقاع اللبناني فخورا بانتهاء ترميم المنزل، وذلك ضمن مبادرة “الحملة الوطنية للمحافظة على العمارة التراثية” التي أطلقتها جمعية محترف راشيا.

وقد شكل الحرص على إرث الأجداد والقيمة التاريخية والمعنوية للأبنية الأثرية حافزا لمهنا للعمل على إعادة ترميم منزله القديم رغم الكلفة المادية المرتفعة، لكنه ينصح أصحاب المنازل التراثية بتجديدها على مراحل زمنية بحسب إمكانياتهم، وفق تعبيره.

وطالب مهنا في حديثه للجزيرة نت بوضع مخطط توجيهي ينظم البناء ويمنع تشويه محيط الأبنية القديمة، ولفت إلى أن البيوت التراثية تمتاز بأنها صحية بالنظر لهندستها المعمارية وارتفاع أسقفها وتعرضها للتهوية.

توعية ودراسات
يشكل القرميد الأحمر والقناطر والحجر الصم أهم مميزات البيوت التراثية القديمة في لبنان، ولطالما أطلقت هيئات المجتمع المدني نداءات للتمسك بها والتصدي للتمدد العشوائي للعمارة الحديثة.

وكان لجمعية محترف راشيا دور مهم في الدفع باتجاه المحافظة على العمارة القديمة، بدءا من بلدة راشيا التي تتميز بكثافة بيوتها القديمة، وقال رئيس الجمعية شوقي دلال إن الجمعية مهتمة منذ تأسيسها بالعمارة التراثية لما تحمله من طابع ثقافي يمثل هوية التاريخ والتراث، مضيفا أن الحملة الوطنية للحفاظ عليها بدأت بتوعية أصحابها بأهميتها مع تقديم دراسات مجانية حول تصميم المنازل والحقب التراثية.

وقال دلال إن آلية عمل الجمعية تضمنت إقناع السلطات المحلية والهيئات المختصة بأهمية الأبنية التراثية والسعي لحصول البلديات على أموال من بعض الدول الأوروبية والمؤسسات المستعدة للمساهمة ماديا، ودعا إلى إصدار القوانين المطلوبة لمنع هدم أي منزل تراثي لأي سبب كان، ومساعدة أصحاب المنازل ماليا أو تقديم القرميد الضروري للترميم أو إعفائهم من الرسوم والضرائب.

غياب القوانين
ورغم غياب الإحصاءات يجمع المعنيون على تسجيل انخفاض كبير في عدد الأبنية التراثية في مختلف المناطق اللبنانية في العقود الماضية، ويقول الناشط في المجتمع المدني رجا نجيم إن سبب الانخفاض يعود إلى اهتمام معظم البلديات في المدن الكبيرة بالأبراج والأبنية الضخمة لرفع المداخيل المادية.

ورأى نجيم أن الأبنية التراثية تحقق دخلا اقتصاديا من خلال السياحة الثقافية والتراثية، وقال للجزيرة نت إن الدولة غائبة في هذا المجال مع أن مشاريع واقتراحات القوانين الناظمة لهذه الأمور موجودة في أدراج البرلمان منذ سنوات.

ورأى أن سبب تأخير إقرار قوانين التنظيم المدني هو “عدم اكتراث النواب بالتراث”، ودعا إلى إيجاد تسوية بين مفهومي المنفعة العامة والملكية الفردية بحيث ينال أصحاب البيوت القديمة تعويضات عادلة لقاء عدم إزالتها.

وتشكل المحافظة على العمارة التراثية أساسا في سياق التمسك بالإرث التاريخي، ويقول الباحث في الشؤون الثقافية منير مهنا إن البيوت القديمة تعتبر رمزا للهوية اللبنانية، كما أن البلدات التي تضم منازل القرميد الأحمر قليلة نسبيا، مطالبا بالتشدد في منح التراخيص والمواصفات المطلوبة وعدم السماح بإزالة القرميد.

وسيم الزهيري

الجزيرة نت

20\5\2016

Facebook Comments

POST A COMMENT.