نبيه عواضة ||
لم يستغرق الأمر أكثر من دقائق في مقر الحزب في الوتوات في محلة الصنائع. حضر 57 عضواً منتخباً من أعضاء اللجنة المركزية الجديدة المنتخبة في المؤتمر الحادي عشر. غاب ثلاثة بأعذار. قالت نائبة الأمين العام السابق ماري ناصيف الدبس إن لا مرشح للأمانة العامة إلا غريب «وبالتالي أطلب منكم التصويت على اعتباره أمينا عاما للحزب». وعلى الفور، وقف جميع الحاضرين وصفقوا لغريب الذي تبادل العناق والقبلات مع «رفيقه» الأمين العام السابق خالد حدادة.
انتهت أول جلسة للجنة المركزية عند هذه النتيجة. أما انتخاب المكتب السياسي وتوزيع المهام داخله، فقد أصبح مؤجلا إلى ما بعد إجراء غريب «المشاورات الحزبية الإلزامية» تبعا للنظام الداخلي.
وبطبيعة الحال، سيضع غريب خطة عمل محددة الأهداف تتصدى لإعادة النظر بالهيكلية التنظيمية بما يضمن التواصل المباشر بين القيادة والقاعدة، ولو أدى الأمر إلى التضحية ببعض الحلقات الوسطية، مع ما قد يتطلبه ذلك من إجراءات مثل دمج بعض الهيئات المناطقية وإعادة تكوين الهيئات القطاعية بما ينسجم وروحية مقررات المؤتمر ولا يتعارض مع مقرراته.
هل ينجح الأمين العام الجديد في إطلاق ورشة تنظيمية تجعل الحزب أكثر استجابة لمتطلبات العصر والمرحلة؟ على الأرجح، ثمة أفكار كثيرة ولكن العبرة في ترجمتها إلى واقع ملموس، خصوصا في ظل تعاظم ظاهرة «اختصاص» بعض المنظمات بهدر الوقت في التنظير بدل تخصيصه للتواصل مع مَن يُفترَض أن تمثل اجتماعيا.
لن يكون حنا غريب وحيدا في هذه الورشة، بل سيستعين بالكثير من الكفاءات اليسارية في الحزب وخارجه، من أجل هذه الورشة التنظيمية، ومن ضمنها إنشاء مدرسة لإعداد الكوادر مهنيا ونقابيا ومحليا وسياسيا وتكثيف ورش العمل لإعادة تزخيم الحراك المطلبي بشقيه النقابي والشعبي.
هل ينجح حنا غريب؟ «ربما يكون التوجه نحو خلق خيار مدني ديموقراطي علماني حتى داخل الطوائف من خلال محاولة هزه بمطالب الرعاية الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي وتعويض نهاية الخدمة والتعاضد وضمان الشيخوخة»، يقول أحد أعضاء «النواة الصلبة» التي بدأت تعد الأفكار تمهيدا لمناقشتها في الهيئات الحزبية العليا والدنيا.
في حفل التسلم والتسليم، قال خالد حدادة إنه يفتخر بالحالة الديموقراطية التي أنتجها من موقعه القيادي. أضاف: «أنا إبن البائع المتجول الذي لم يكن ليصبح أمينا عاما في أي حزب آخر لو لم أكن أنا إبن عائلة فقيرة وكادحة، ففي الأحزاب الأخرى يتسلم أمانتها العامة فقط الأغنياء». وعزا حدادة قراره بعدم الترشح بتبلور رغبة لديه بإعادة التموضع الوظيفي كأستاذ في الجامعة اللبنانية، ثم لثقته الكاملة بترك القيادة الحالية تعمل من دون التزامات تجاه القيادة السابقة.
روى حدادة لحنا غريب كيف طلب من مسؤول الإدارة في الحزب «الرفيق منغستو» (أريج شما) إعداد طلب براءة ذمة مالية لتسليمها إلى الأمين العام الجديد، لكن «منغستو» رفض طلب أمينه العام قائلا: «نحن من نحتاج إلى براءة ذمة على سلوكنا معك يا رفيق خالد».
وفي أول كلمة له كأمين عام، خص حنا غريب شهداء الحزب الشيوعي في «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» وكل مناضليها بتحية أولى. كذلك أبدى حرصه على الاستفادة من حالة الاستنهاض التي تعم الأوساط اليسارية والديموقراطية والتقدمية والنقابية، مطالبا الشيوعيين الذين خرجوا من الحزب بـ «العودة والانتظام ثانية في صفوف المنظمات الحزبية، باستثناء من انتسبوا إلى أحزاب أخرى».
وردا على سؤال لـ «السفير» عما إذا كان ذلك يشمل من فُصلوا من الحزب، قال غريب: «ستكون قضية إعادتهم على رأس أولوياتي».
وأعلن غريب عن توجه نحو توحيد الحراك الشعبي وهيئة التنسيق النقابية واللقاء النقابي التشاوري المستقل «من أجل تشكيل رافد موحد يستطيع خرق جدار النظام الطائفي بهدف إقامة توازن يستطيع انتزاع المطالب المشروعة».
ودعا غريب لخوض الانتخابات البلدية التي اعتبرها سياسية تنموية «من موقع مستقل»، مطلقا نداءه إلى كل القوى اليسارية والديموقراطية لتوحيد جهودها في لوائح موحدة خصوصا في المدن، وتحديدا بيروت.
الأول من أيار صار على الأبواب.. موعد عيد العمال العالمي. هل سيكون هذه السنة مميزا بنكهته المختلفة عن الأعياد السابقة؟
الجواب في الفعاليات التي سيدعو إليها «الحزب الشيوعي» ومنها التظاهرة السنوية في قلب العاصمة بيروت.
جريدة السفير اللبنانية
27\4\2016
POST A COMMENT.