أزمات متنوعة تهدد صحف لبنانية بالتوقف
عفيف دياب ||
اكثر من 13 جريدة لبنانية تصدر صباح كل يوم في بيروت، تمثل المشهد الإعلامي اللبناني بكل تلاوينه وهوياته السياسية والثقافية والعقائدية، وتعكس نبض المجتمع السياسي اللبناني بكل أطيافه وتوجهاته وانقساماته وامتداداته الخارجية.
لكن قيمة هذا الدور تبدو أنها آخذة بالأفول والتراجع، فقد نبهت بيانات أصحاب الصحف من استفحال أزماتها ماليا ودورا وقيمة، والمصير الذي يتهدد الصحافة الورقية اللبنانية بشكل عام وتراجع تأثيرها على الرأي العام، لأن بعضها بات على شفير الإقفال النهائي.
جرس إنذار
تحولت الصحافة اللبنانية من صحافة حرة مستقلة نسبيا إلى موجهة سياسيا تعكس وجهات نظر أطراف ومحاور إقليمية ودولية لا تعبر عن هواجس وطنية، وأصبحت منبرا لهذا الطرف أو ذاك على حساب الهوية الوطنية والمهنية وفنون الصناعة الإعلامية، حسب وجهة نظر الباحث الاجتماعي نضال خالد الذي يرى في معاناة الجرائد اللبنانية جرس إنذار لإعادة تنظيم صفوفها ومواكبة تطور العصر في الصناعة الإعلامية.
أحد الصحفيين قال للجزيرة نت إن الصحف اللبنانية “لم تقدر على التحول ومواكبة العصر، والانتقال من ملكيات عائلية إلى مؤسسات صحفية حديثة”، معتبرا أن “الصحيفة اللبنانية ماتت على مذبح بقاء مصالح العائلة قبل المؤسسة ونموها”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الجريدة المحلية “لم تنجح في الحد من خسارة قرائها، بل أسهمت من خلال مضمونها في نفور القارئ منها”.
إجراءات أولية
نزيف الحبر اللبناني وما آلت إليها أوضاع الصحف اليومية، بدا واضحا مؤخرا مع توجيه أصحابها رسائل إلى العاملين فيها تحذرهم من أن الإقفال النهائي أصبح وشيكا كما حصل في صحيفة السفير، وفتح باب الاستقالات كما فعلت صحيفة اللواء، والتخلي عن أعضاء من فريقها كما فعلت صحيفة النهار، إضافة الى تخفيض رواتب العاملين في أكثر من صحيفة يومية تهددها الديون المصرفية وتوشك على الإقفال أو التحول إلى جريدة إلكترونية.
ويقول رئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام للجزيرة نت إن ما تعانيه الصحافة الورقية اللبنانية من أزمات مالية يتهدد ذاكرة البلد، معتبرا أن أزمة الصحف جزء من الأزمة المالية والاقتصادية التي يعانيها لبنان.
ويوضح سلام أن تراجع الإعلانات والمبيعات والاشتراكات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي يهددان الصحف الورقية بالتوقف عن الصدور، لأن جيل الشباب يفضل الصحافة الإلكترونية على الورقية.
وبخصوص الخيارات الممكنة لمعالجة الأزمة يضيف المتحدث أنها متعددة، منها تخفيض عدد العاملين والرواتب، معتبرا أن التحول إلى صحيفة إلكترونية آخر الدواء، ولافتا في الوقت نفسه إلى أن صحيفته فتحت باب الاستقالات لكل العاملين فيها للبحث عن خيار آخر.
تعثر وتوقف
يرى الكاتب يحيى جابر أن الملكية العائلية للصحف تتحمل جانبا من مسؤولية ما وصفه باحتضار الصحافة الورقية اللبنانية، ويقول للجزيرة نت إن “الصحف اللبنانية فقدت دورها وبالتالي قيمتها”، مضيفا أن هناك “جرائد لبنانية مرتبطة بتمويل سياسي، وهذا التمويل لم يعد متوافرا، مما سيؤدي إلى توقف بعضها عن الصدور وتعثر بعضها الآخر”.
تعثر صحف لبنانية وتوجه بعضها إلى التوقف عن الصدور كجريدة السفير المتوقع احتجابها أوائل الشهر المقبل بعد صدور يومي منذ 42 عاما، دفعا نقابة محرري الصحافة إلى عقد اجتماع استثنائي بحثت فيه الأزمة المستجدة في عدد من الصحف التي لوحت بوقف الصدور.
وقررت النقابة حسب بيان لها “التصدي للأزمة من خلال تحرك واسع.. للبحث في وسائل ديمومة عمل الصحافة الورقية واستمراريتها”، ودعت أصحاب الصحف إلى التريث في اتخاذ أي خطوات متسرعة في انتظار البحث عن حلول مشتركة.
الجزيرة نت
26/3/2016
Facebook Comments
POST A COMMENT.