لقاء الحريري ــ مراد: سقوط أحادية المستقبل

بعد عداوة استمرت 11 عاماً بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق عبد الرحيم مراد، حلّ الأخير ضيفاً على الأول الأسبوع الماضي. بسحر ساحر فتح باب بيت الوسط أمام رئيس حزب الاتحاد، أبرز الشخصيات السنية في 8 آذار، الذي واجه طوال هذه السنوات اتهامات مستقبلية خرقت كل السقوف. فهل «اقتنع» تيار المستقبل، أخيراً، بأن الشارع السنّي ليس مطوّباً له، أم أن أمراً أتى من الرياض بالانفتاح الحريري على مراد وغيره من الشخصيات السنيّة المتحالفة مع حزب الله لسحب «الغطاء السنّي» عن الحزب في الحرب التي أعلنتها عليه السعودية أخيراً؟ بحسب مصادر مطّلعة، الانفتاح السعودي على مراد بدأ منذ تمايز في موقفه من الحرب في اليمن عن موقف حزب الله، وإعلانه من القاهرة قبل أشهر أن «أمن السعودية من أمن اليمن». كان هذا التصريح «كلمة السر» التي أقنعت الرياض، بتشجيع مصري وإماراتي، بإسقاط الفيتو عن «أبو حسين» واستقباله والاستماع الى رأيه بضرورة فتح الحوار السنّي ــ السنّي. بعدها، كُلّف وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتواصل مع مراد للوصول الى صيغة للتفاهم بينه وبين الحريري. وتلفت المصادر الى أن الأخير التقى، قبل موافقته على عقد اللقاء، منسّق البقاع الأوسط أيوب قزعون، وسمع منه تشجيعاً على الحوار مع مراد الذي يحظى بتأييد حتى بين مؤيدي التيار، على عكس ما نقله النائب جمال الجراح ومنسّق البقاع الغربي حمادي جانم اللذان اعتبرا أن مراد سيكون الرابح الأكبر من أي مصالحة. وفور الإعلان عن لقاء بيت الوسط، ساد الارتياح قواعد الطرفين. الحريريون اعتبروه بمثابة لمّ للشمل ولو أتى متأخراً، وسحباً للبساط من تحت حزب الله في قرى البقاع ذات الغالبية السنيّة التي لمراد نفوذ فيها. أما أنصار الأخير، فرأوا فيه اعترافاً من المستقبل بوجود تيارات أخرى في الشارع السنّي. لكن «صقور» المستقبل، خصوصاً المحسوبين على الجراح، رأوا فيه «مهزلة وحلقة في سلسلة التراجع الحريري المستمر». رغم أن الجراح ومعه النائب زياد القادري سمعا من الحريري الذي التقاهما قبل ساعات من اجتماعه بمراد ما مفاده: «لا أريد جواً عدائياً تجاه مراد. علينا أن نتفهم حضوره الشعبي، وأنه متمايز عن حليفه حزب الله في مواقفه من السعودية». وطلب من نائبيه نقل تمنياته الى قيادات التيار في البقاع الحريري بعدم الاعتراض أو التهجّم على هذه المصالحة «لما فيها من مصلحة لأبناء المنطقة والطائفة». وعلمت «الأخبار» أن الحريري سيلتقي هذا الأسبوع عمر الصيفي وعمر مراد اللذين يقاضيان مراد ويطالبان بإقصائه عن إدارة أوقاف مؤسّسات «الغد الافضل» و»جمعية النهضة الاسلامية الخيرية» لإقناعهما بتهدئة الأجواء. أوساط مطلعة أكّدت لـ»الأخبار» أن لقاء الحريري ومراد تخلله تفاهم على الانتخابات البلدية واختيار مجالس بلدية واختيارية توافقية لخدمة الأهالي. وأضافت أن الحريري أشاد بإنجازات مراد على الصعيد المؤسساتي في غياب مؤسسات الدولة وتراجع مؤسسات الحريري الاجتماعية. وتزامناً مع اللقاء، علمت «الأخبار» أن اجتماعاً عقد بين قيادات من حزب الاتحاد وتيار المستقبل تم الاتفاق فيه على تهدئة معارضي اللقاء في صفوف الطرفين. مصادر في قوى 8 آذار لم ترَ في اللقاء «نقلة لمراد من ضفة إلى أخرى»، بل اعتبرتها «دليلاً على أن 8 آذار هي قوى متحالفة تتمايز في ما بينها حول أمور عديدة».

اسامة القادري

جريدة الاخبار اللبنانية 29-2-2016

Facebook Comments

POST A COMMENT.