التحرش والاستغلال يزيدان معاناة لاجئات سوريات بلبنان

مقابل الحصول على غرفة لها ولابنتها، اضطرت اللاجئة التي فضلت عدم الكشف عن اسمها للرضوخ للتحرشات المتكررة التي قام بها صاحب العقار.
حقيقة صادمة حصلت في إحدى مناطق البقاع نقلتها لنا الناشطة في مجال حقوق المرأة رولا المصري التي تشغل منصب مديرة برنامج المساواة الجندرية في منظمة “أبعاد” غير الحكومية اللبنانية.
تحدثت المصري للجزيرة نت عن حالات صعبة جداً وروايات مأساوية لما تعانيه اللاجئات السوريات في لبنان وعما شاهدته وسمعته منهن خلال عملها الميداني في عدد من المخيمات بمناطق عدّة في لبنان.
وأكدت أن بعض النسوة ممن يعشن وحدهن مع أطفال من دون رب الأسرة في مخيم في البقاع الأوسط ابتكرن آليات للدفاع، كأن يقمن بالادعاء بأنّهن يتحدثن مع أزواجهن دورياً على الهاتف لإيهام مسؤولي المخيمات الذين يُعرفون بالشاويش بأنّ هناك رجلاً في المنزل وقد يأتي في أي لحظة لينضم للعائلة، وذلك لمنع حصول أي حالة تحرش.
الجزيرة نت حاولت التواصل مع لاجئات لنقل واقعهن، لكنهن رفضن الحديث عما تعرضن له خوفاً من ردة الفعل، ولم تنفع كل الطمأنات بعدم ذكر الاسم أو كل ما يمكن أن يدل على صاحبة العلاقة في ثنيهن عن موقفهن.
وأصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا بعنوان “أريد مكاناً آمناً: اللاجئات من سوريا مشردات بلا حماية في لبنان”، اعتبرت فيه أن أوجه القصور في المساعدات الدولية والسياسات التمييزية التي تنتهجها السلطات اللبنانية خلقت ظروفاً تسهّل تعرض اللاجئات في لبنان للاستغلال والإساءة.
وقال معدو التقرير إنّ رفض الحكومة اللبنانية تجديد تصاريح الإقامة للاجئين وما يرافق ذلك من نقص في التمويل الدولي يجعل اللاجئات عرضة لخطر الاستغلال من أصحاب العقارات وأرباب العمل وحتى الشرطة.
وعرض التقرير شهادات لاجئات تعرضن لتحرش جنسي أو استغلال من قبل صاحب العمل من دون القدرة على الشكوى للشرطة، إما بسبب عدم امتلاك أوراق رسمية والخوف من التوقيف، وإما بسبب التعرض لمضايقات من العناصر الأمنية نفسها.
ونقلت المنظمة عن لاجئة سورية أنها أصبحت هدفاً للتحرش بعد توجهها للشرطة للتبليغ عن تحرش، وقالت “بدأ رجال الشرطة بعد فترة يمرون على منزلنا أو يتصلون هاتفياً بنا ليطلبوا منا أن نخرج برفقتهم. كانوا أولئك هم نفس رجال الشرطة الثلاثة الذين دونوا معلوماتنا عندما قدمنا البلاغ”.
لكن التقرير، الذي نشر قبل يومين من عقد مؤتمر لندن للمانحين الخاص بسوريا، لم ينل رضا الجميع. بعض الفاعلين في العمل الإنساني في لبنان أخذوا عليه افتقاره لمعلومات محددة عن عدد اللاجئات المستطلعات من أجل إعداد الدراسة، مع تضمينه فقط بضع شهادات.
هؤلاء لا ينفون حصول هذه الانتهاكات والإساءة، لكنهم يعترضون على الشكل الذي ظهر فيه التقرير، مما جعل الجهات الرسمية في لبنان ترفض التعليق عليه.
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي تشرف وزارته على أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، قال في حديث للجزيرة نت إنّ لديه الكثير من الملاحظات على التقارير التي تصدرها منظمة العفو الدولية الخاصة بوضع اللاجئين في لبنان.
وأشار الوزير إلى أن آخر ثلاثة تقارير أصدرتها تفتقر إلى معطيات وأرقام واضحة وجدية توثق الحالات التي تتحدث عنها.
لكن نبيل الحلبي المحامي ومدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان التي طالما تابعت مشاكل وأحوال اللاجئين السوريين، يقول إنّه ليس مستغرباً أن تفتقر تقارير مماثلة لأرقام، إذ من الصعوبة بمكان إجراء إحصاء دقيق مع اللاجئين السوريين خصوصاً في الموضوعات الحساسة لأن الضحايا يرفضن التعاون في حالات مشابهة، وذلك أمر مفهوم نظراً لوضعهن النفسي والخوف من ردود فعل.

ديما شريف

المصدر : الجزيرة نت

Facebook Comments

POST A COMMENT.