يقف لبنان عاجزا أمام مواجهة ملف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، فلم تضع الحكومات المتعاقبة خططا لمواجهة تدفقهم منذ عام 2011، لكن الاقتراح الأخير الذي قدمه لبنان إلى المجتمع الدولي يثير قلق بعض الفئات السياسية.
فهناك أكثر من 1.1 مليون سوري مسجل لدى المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين في لبنان، بينما تقدر مصادر أمنية للجزيرة أن المجموع العام يصل إلى 1.75 مليون يقطنون في مخيمات غير رسمية وتجمعات في شمال وشرق البلاد.
ومع غياب خطط الحكومات اللبنانية المتعاقبة للتعاطي مع اللاجئين، دخل هذا الملف في أتون الصراع بين الكيانات السياسية المحلية بشأن الأزمة السورية، الأمر الذي انعكس على الضيف والمضيف على حد سواء.
تشغيل
وفي ظل هذا العجز وتحول الملف إلى عبء اقتصادي واجتماعي، قدم لبنان في مؤتمر لندن لمساعدة سوريا الذي عقد مطلع الشهر الجاري، ورقة يطالب فيها المجتمع الدولي بتقديم يد العون لمساعدة بيروت على مواجهة أعباء اللجوء.
وركزت الورقة على تعزيز الوضع التربوي وتطويره لاستيعاب أكبر عدد ممكن من اللاجئين، وإقامة مشاريع إنتاجية واستثمارات من أجل خلق فرص عمل لهم بما لا يتعارض مع القوانين اللبنانية، وخلق فرص عمل للبنانيين ودعم السلطات المحلية في المجتمعات المضيفة.
غير أن هذه الورقة أحدثت قلقا لدى فئات لبنانية، خصوصا فيما يتعلق بإيجاد فرص عمل للاجئين.
وما أثار القلق برنامج للتوظيف “المؤقت المدعوم” يحمل اسم “خطوة” يهدف -وفق وزير الخارجية جبران باسيل- إلى تنشيط الاقتصاد وإيجاد فرص عمل للبنانيين والسوريين في القطاعات التي يعمل فيها اللاجئون فقط (الزراعة والبناء)، وتعزيز المجتمعات المضيفة، فضلا عن وضع السوريين جزءا من رواتبهم في حساب خاص يحصلون عليه عند عودتهم إلى بلادهم.
قلق من “خطوة”
فقد أعلن وزير العمل سجعان قزي في تصريح له رفضه اشتراط المجتمع الدولي إعطاء المساعدة للبنان مقابل إدخال اللاجئين السوريين إلى سوق العمل، وقال “أرفض أي قرار بهذا الشأن”.
قزي الذي قال للجزيرة نت إن وقته لا يسمح بالإدلاء بتصريح، كان أكد في تصريح صحفي أن وزارة العمل تأخذ بعين الاعتبار وضع اللاجئين، ولكنّ “هناك لبنانيين في حاجة ماسة للعمل، خصوصا مع الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب”.
وأوضح أنه “إزاء هذا الوضع لا نقبل بأي شكل من الأشكال إلحاق الضرر باللبنانيين الذين يحتاجون للعمل”.
غير أن مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان نبيل الحلبي رفض “منطق توطين اللاجئ السوري في لبنان إذا ما قدمت له مساعدة للعمل”.
وقال الحلبي للجزيرة نت إن اللاجئ “لا يطمح إلى الاستيطان في لبنان، بل هو بحاجة ماسة إلى العمل، وإلا سيجنح نحو الجريمة لتأمين قوت عائلته”.
وأضاف أن القلق من تشغيل اللاجئ السوري “قلق سطحي وعنصري في طياته وليس في محله”، مشيرا إلى أن الاعتراض على تأمين فرص عمل للاجئ وللمجتمعات المضيفة تاليا “يأتي من مجتمعات محلية رفضت استقبال لاجئين سوريين”.
عفيف دياب – الجزيرة نت
19-2-2016
POST A COMMENT.