عبد الناصر والاسد وجارتنا
عفيف دياب ||
صرخت جارتنا باعلى صوتها :” يلا قوموا .. شوفوا القمر”! ارتعب الجميع من قوة صرختها، وسر دعوتها، وماذ يجري للقمر حتى نركض لمشاهدته. سبقتنا جارتنا حافية القدمين إلى وسط الشارع، محدقة بالسماء والبدر الذي ينير القرية الهادئة في البقاع الغربي.
شو في .. خير؟ ليش صوتك طالع وعم تبكي؟! سألت أم محمود جارتنا ام وليد عن دموعها المنهمرة وسر تحدقيها بالبدر. فاجابتها بصوت متهدج: شوفي يا أم محمود طلعي منيح بالقمر. صورة جمال عبد الناصر . سبحان الله. الله يحب جمال عبد الناصر وطبع صورته على القمر.
عمت الفوضى القرية التي تخالها مسقط رأس عبد الناصر. كيفما تجولت في أزقتها لا تجد الا صور الزعيم المصري، ويد خطاط محترف “خط” من اقواله اذا ما قيس طولها بالامتار لتجاوزت المسافة من المحيط الهادر الى الخليج الثائر.
لا احد لليوم يعلم من أقنع جارتنا أم وليد بان صورة جمال عبد الناصر تزنر القمر. حتى أنصار “الاتحاد الاشتراكي العربي” في القرية كانت لهم “نظريتهم” الخاصة المبنية على ما شاهدته جارتنا، وأن زعيم الامة العربية الراحل أصبح بدراً معلقاً في السماء ينير طريقنا، وأن البدر لا يكتمل إلا بصورة الزعيم الخالد.
جهدت الجارة التي تقرأ كل مساء سورة الفاتحة عن روح عبد الناصر، حتى تقنع الجميع بما شاهدته. ولكي تؤكد صحة “خبريتها” أبلغت جاراتها أن أبو علي الشيوعي – هذا الكافر – نطق حين شاهد البدر بـ:” اشهد ان لا اله الا الله”، وانه سيطلب من رفاقه بموسكو حين يصعدون برحلة الى القمر ان يرسلوا له صورة لجمال عبد الناصر من هناك.
طال إنتظار أم وليد، وأبو علي الشيوعي – الكافر لم يتلق اتصالا من رفاقه في الاتحاد السوفياتي “العظيم”، وكلما التقت به كان “يخترع” لها “خبرية” ليتخلص من اصرارها. وجد الكافر صعوبة في الخلاص من إلحاح أم وليد عليه بالسؤال كلما صادفته الى ان قال لها ان الشيوعيين الكفار في موسكو وضعوا صورة كبيرة لجمال عبد الناصر على القمر، وانهم سيضعون قريبا صورة أكبر لحافظ الاسد . وهنا صرخت جارتنا بالشيوعي الكافر :” يلعن أبوك قوم من هون.. حافظ الاسد قال“!!
تموز 2015
Facebook Comments
POST A COMMENT.