عفيف دياب ||
كان اللواء السوري غازي كنعان يحب قيادة سيارته بنفسه من مقر إقامته في فيلا الصحفي الراحل سعيد فريحة في مدينة شتورة نحو مقر عمله في عنجر. كنعان الذي ادار لبنان بحنكة وغطرسة وقسوة على مدى ثلاثة عقود، انتحر داخل مكتبه بدمشق سنة 2005. انتحار قيل عنه الكثير ولم ترو حقيقته بعد. كان “أبو يعرب” يقود سيارته المرسيدس التي تلقاها كهدية متواضعة جداً من الرئيس رفيق الحريري، بهدوء قل نظيره عند سائق آلية سورية او حتى لبنانية. وكان الرجل يلتزم بنظم السير البسيطة على طول خط شتورة – عنجر البسيط. كان عبوره في ساحة شتورة مناسبة “ترهيبيه” لاستراق النظر إليه وهو يقود سيارته الشبح السوداء. سائقو سيارات الاجرة الذين يفتعلون زحمة غير مبررة في الساحة، سرعان ما كانوا ينتظمون حتى تعبر سيارة كنعان بلا أدنى إزعاج لها وله.
كان الهمس في شتورة يزداد مستواه ومنسوبه كلما شوهد اللواء كنعان يقود سيارته بنفسه من دون مرافقين و”شبيحة” يعكرون مزاج المارة والعابرين. كانت الاسئلة تتزاحم حول سر هذا الرجل وكيف لا يخاف من إغتيال او إعتداء عليه في زمن الحروب الاهلية الصغيرة أو الكبيرة، أو في زمن ما بعد اتفاق الطائف وبدء ادارة دمشق الاسد للبنان من عنجر وأخواتها. سر كشفه لاحقاً الرئيس الراحل إلياس الهرواي. كان رئيس الجمهورية يرفض زيارة دمشق ما لم يكن سائق سيارته غازي كنعان. يصل موكب الهراوي الى فيلا كنعان في شتورة. يصعد الرئيس الى سيارة ابو يعرب او بالعكس، وثم يتابع الموكب الرئاسي سيره نحو دمشق. عادة اتبعها الهراوي مع كنعان منذ لحظة انتخابه رئيسا للبلاد المنقسمة في 1989 واتخاذه من ثكنة أبلح مقرا لرئاسة الجمهورية. فيوم أعلن رئيسا للجمهورية من بارك أوتيل شتورة، رفض التوجه الى منزله في حوش الامراء لتقبل تهاني اهالي مدينته زحلة ما لم يكن غازي كنعان سائقه.. سائق قال عنه لاحقا الرئيس الهراوي انه كان أمينا .. وأمنيا لا يخرق. وحين طلب من الرئيس توضيح كلامه اكثر قال:” إذا غازي كنعان عم بيسوق فيك.. ما حدا بيقدر يغتالك. فهمت أو بعد”!!
7/آب/2015
الصورة: غازي كنعان يمارس الرياضة على كورنيش الحمام العسكري في بيروت سنة 1987
Facebook Comments
POST A COMMENT.